ينكر من جهة هذا الرجل الصالح السّلوك، فأعلمته أنّ المكارم الحمادية لا تحتاج غير الحمد والأجر شافعا إليها، والمنازل الشمسيّة لا تفتقر إلى دليل ينبّه عليها، وطالما جمعت لقاصدها الفعل والقول السخي، وطالما قال يوسف رحمه الله، أخو مولانا أبقاه الله للقاصد: أنا يوسف وهذا أخي، ولكن المملوك يذكّر الخاطر الكريم بهذا القادم فإنه من أهله، ويلقاه قبل ذلك بالبشر المنشد (طويل) :
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله
فإنّه من أصحاب وليّ لله طالما فاض وليّ معروفه، واستفاضت نسبته المرشديّة فكان وليّا مرشدا قامت صفته مقام موصوفه، وإنّ آثار هذه البركات على هذا القادم لائحة، وإن على يده تجارة ذكر وأجر وهي في سوق همم مولانا تجارة رابحة، والله تعالى يجعل له في كلّ ثناء وثواب نصيبا ويديم قلمه الكريم مقصد رفد وجاه (فطورا رشاء وطورا قليبا) .
وله: عن نائب الشام إلى نائب حماة شفاعة في شخص اسمه شهاب الدين، وهو بعد الألقاب:
لا زالت الأقدار تسعده، والملائكة تنجده، ومواطن النصر تجرّد حدّ بأسه ومواطن الحلم تغمده، والجناة تلوذ بظلّه، فأيّ جاني ذنب ما يعفو عنه، وأيّ جاني برّ ما يرقّ عليه ويرفده، تقبيلا يترادف مدده، ولا تنتهي في القرب والبعد مدده.
وينهي بعد ولاء وثناء: هذا لا يبلى جديده وهذا لا تخفى جدده، وشوق وارتياح كلاهما يروى عن ابن شهاب توقّده، ويحمل على يد شهاب سنده، أنّ العلوم الكريمة محيطة بمقدار الحلم وفضله، والعفو ومحلّه، والتجاوز عن هفوات المخطئين من القوم، وطلب العفو من الله غدا بالعفو عن عباده اليوم،