الفاطميّ، أحد خلفاء الفاطميين بالديار المصريّة، حين قرّر الحافظ نعوته:
السيد، الأجلّ، الأفضل، أمير الجيوش، سيف الإسلام، ناصر الأنام، كافل قضاة المسلمين، وهادي دعاة المؤمنين، وهي:
أما بعد، فالحمد لله الذي تفرّد بالإلهية، وتوحّد بالقدم والأزليّة، وأبدع من برأ وخلق، وأنشأهم من غير مثال سبق، واصطفى لتدبيرهم في أرضه من بعثه برسالته، وجعل ما جاءوا به من الشرائع من أمارة لطفه بهم ودلالته، وصلّى الله على جدّنا محمد رسوله الذي جعل رتبته أخيرا ونبوّته أولى فكان أفضل من تقدّمه نبيّا وسبقه رسولا، وعلى أخيه وابن عمّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب الذي ذخره لخلافته، وأيّده بوزارته، مع كونه من منزلة الاصطفاء، وتأييد الوحي الظاهر من غير خفاء، بحيث لا يفتقر إلى وزير، ولا يحتاج إلى ظهير، وإنما جعل ذلك تعليما لمن يستخلفه في الأرض من عباده، وتمثيلا نصّ- جلّ وعزّ- إلى قصده واعتماده، لما فيه من ضمّ النّشر، وصلاح البشر، وشمول المنافع، وعموم الخيرات التي أمن فيها من مدافع، وعلى الأئمة من ذرّيّتهما العالمين بمرضاته، والمتّقين له حقّ تقاته، والكافلين لكلّ مؤمن بأمانه يوم الفزع الأكبر ونجاته، وسلّم عليهم أجمعين، سلاما متصلا إلى يوم الدّين.
والحمد لله الذي جعل النّعم التي أسبغها على أمير المؤمنين، بحسب ما اختصّه به من منزلته التي فضّله بها على جميع العالمين، فجعله خليفة في الأرض، والشّفيع لمن شايعه يوم الحساب والعرض، وأجزل له من مننه ما لا يناهضه شكر إلّا كان ظالعا، ولا يقابله اعتداد إلّا استولى عليه العجز فلم يكن بما يجب له طامعا، وإنّ من أرفعها مكانا، وأعظمها شانا، وأفخمها قدرا، وأنبهها ذكرا، وأعمّها نفعا، وأحسنها صنعا، وأغزرها مادّة، وأثبتها قاعدة إذا غدت النّعم شاردة نادّة، وأعودها فائدة على الخاصّ والعام، وأضمنها للسّعد المساعد والحظّ الوافر التّامّ- ما كان من المنّة الشامخة الذّرى، والمنحة الشاملة لجميع الورى، والعارفة التي اعترف بها التوحيد والإسلام، والموهبة التي [إذا] أنفق كلّ أحد عمره