سلام عليك، فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو، ويسأله أن يصلّي على جده «١» محمد عبده ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.
أما بعد- أطال الله بقاءك- فإن أمير المؤمنين وإن كان قد بوّأك المنزلة العليا، وأنالك من أثرته الغاية القصوى، وجعل لك ما كان لأبيك عضد الدّولة وتاج الملّة- رحمة الله عليه- من القدر والمحلّ، والموضع الأرفع الأجلّ، فإنه يوجب لك عند كلّ «٢» أثر يكون منك في الخدمة، ومقام حمد تقومه في حماية البيضة، إنعاما يظاهره، وإكراما يتابعه ويواتره. والله يزيدك «٣» من توفيقه وتسديده، ويمدّك بمعونته وتأييده، ويخير لأمير المؤمنين فيما رأيه مستمرّ عليه من مزيدك وتمكينك، والإبقاء بك وتعظيمك، وما توفيق أمير المؤمنين إلّا بالله عليه يتوكّل وإليه ينيب.
وقد عرفت- أدام الله عزّك- ما كان من [أمر كردويه]«٤» كافر نعمة أمير المؤمنين ونعمتك، وجاحد صنيعته وصنيعتك، في الوثبة التي وثبها، والكبيرة التي ارتكبها، وتقديره «٥» أن ينتهز الفرصة التي لم يمكّنه الله منها، بل كان من وراء [ذلك] دفعه وردّه عنها، ومعاجلتك إياه الحرب التي أصلاه الله نارها، وقنّعه عارها وشنارها «٦» ، حتّى انهزم والأوغاد «٧» الذين شركوه في إثارة الفتنة، على أقبح أحوال الذّلّة والقلّة، بعد القتل الذّريع، والإثخان الوجيع. فالحمد لله على هذه النعمة التي جلّ موقعها، وبان على الخاصّة والعامّة أثرها، ولزم أمير المؤمنين خصوصا والمسلمين عموما نشرها والحديث بها، وهو المسؤول إقامتها وإدامتها برحمته.