فيه يمضي ويتوقّف؛ وتقوى الله تعالى أول ما نوصيه بسببها، ونوصّله إلى رتبها، وإقامة الشرع الشريف وإدامة مبارّه وإعلاء مناره، ومعاضدة حكمه وحكّامه وأعوانه وأنصاره، والوقوف معه في إيراده وإصداره، وإعلانه وإسراره، والعمل به فإنه ما يضلّ من مشى في ضوء نهاره، وعمارة البلاد، بإدامة العدل وتكميل الرّيّ وتوطين السّكان وقمع الفساد، واعتماد حكم التذاكر الشريفة لأمر الجراريف «١» التي تعمل، والتّرع التي تراعى والجسور التي لا يقدم جسور على أنها تهمل؛ فهما قانون الرّيّ الكامل، والضامن لخصب البرّ السابل؛ وإذا أجرى الله النيل على عاداته الجميلة لا يدع للمحل عينا حتّى يواري بالرّيّ سوءته، ويخفّف بتيسر وصول حقّ كل مكان إليه وطأته، ولا يدع عاليا إلا مستفلا، ولا معطّلا إلا معتملا، ولا طوق بحر إلا تمتدّ يد النيل إلى زرّجيوبه، ولا طائف رمل إلا يطوف طائف شرب «٢» على جرعائه وكثيبه، حتّى يعمّ الجميع، ويعمر ربوعها بما ينسجه لها من ملابس حلل الربيع. وعليه بالإنصاف بين المساكين، والإنصات إلى الباكين منهم والمتباكين، ووصل أمورهم على الحق الذي نشر الله في أيّامنا الزاهرة علمه، ومقتضى الشرع الشريف فإنه ما خاب من أدام عليه حكمه وأدار إليه عمله. وأما أهل الفساد والاشتباه، ومن يحتمي بصاحب شوكة أو يتمسّك بربّ جاه، أو ينزل بلد أمير كبير مستظلّا بذراه، أو ملتجئا من خوف أو مستطعما من قرى قراه، فجميع هؤلاء تتبّع فرقهم ورفاقهم، وطهّر الأرض منهم وامسح بالسّيوف أعناقهم؛ [وأثخن]«٣» في قتلاهم، وأثقل بالقيود أسراهم، وشدّد وثاقهم وكذلك من حماهم ووالاهم، أو استحسن أو منّ عليهم أو مانع عنهم، أو قال ما هو منهم وهو منهم، وكلّ أجرهم في الحكم مجراهم، وأطل تحت أطباق الثّرى ثواهم، ونبّه منهم أناسا على رؤوس الجذوع وأنم آخرين