المشذّرة في أكمل نظام، إلا من تقلّبت الأمور بقلبه كلّ التقليب، وجرّدت النّوب عزمه في النوائب فجرّدت سيفا يحمد في التجريب، ولم يزل منذ بلغ الحلم أميرا مطاعا، ومندوبا لا يفرق في المهمّات إذا طارت نفوس الأنظار شعاعا، وأوقدت الأسنّة سواعا، وهماما لو أومض البرق ساعة بؤسه لارتعدت فرائصه زمعا «١» لا إزماعا، أو قابله الرّيح المعتدل عند أحكامه لأطبقت الأمم على أنه لا يماثله في العدل قطعا وأجمعت على تفرّده إجماعا.
وكان فلان هو العليّ همما، الجزل مداومة الجزيل ديما، المليّ بما لا يقدر على مثل دفعه البحر متدفّقا وهمي الغمام منسجما؛ وقد حمدنا له في كلّ ما باشره أثرا، وأخمدنا بجميل ملاحظته كلّ برّ ضرا، فباشر الوجه القبليّ فملأ عين الناظر المتوسّم، وعمّ سروره حتّى غامزه جاره الوجه البحريّ ببنانه المخضّب وضاحكه بثغره المتبسّم، فلما تنقّل فيهما استقرار (؟) الوجهين وما والاهما، وعرف في وجهه نضرة النعيم بما أولاهما، وأخصب جانباهما، وجدّ بهذا كلّه ثم جدّ بهذا فطاب الواديان كلاهما، فاقتضى حسن الرأي الشريف أن لا يخلو الوجهان معا من نظره الجليّ الجميل، وأن يجلو عليه محاسنهما الكاملة ليفارق على وجه جميل ويواصل على وجه جميل.
فخرج الأمر الشريف- لا زال يختار عليّا، ويختال كلّ غمام يرتضي له وليّا- أن يكون والي الولاة بالوجه البحريّ جميعه، متفرّدا بأفراده ومجموعه، ومحكّما في قبائله وجموعه، وبعيده وقريبه، وبديعه وغريبه؛ وكلّ ما هو داخل فيه، عائد إلى أعماله وراجع إلى متوليه، على عادة من تقدّم وقاعدته فيما يليه، وهي ما يذكر من الأعمال: الغربيّة، الشّرقية، البحيرة، المنوفيّة، إبيار، أشمون، قليوب. ولا أمر ولا نهي إلّا إليه راجع، وله في متجدّدات الأمور مراجع، ولا أرباب تصريف إلا وله عليهم تصرّف، ولا صاحب جدّ ولا حدّ إلّا