بنهاية كلّ دعوى، عاطفا بعدلنا إلى إزاحة كل لأوى «١» ، وإزالة كلّ بلوى.
نحمده وهو أهل الحمد والتّقوى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نأمن بها الدانية والقصوى، ونؤمن بها على السّرّ والنّجوى، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله أشرف من مهّد له جنّة المأوى، وأشرف به على شرف المثوى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين فطم بشريعته نفوسهم عمّا تهوى، وفطر فطنهم عليها حتّى لا تضلّ ولا تغوى، صلاة ترتوي بفائضها السّحب ما تروى، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد فإن من سجايا أيّامنا أن نكشف كلّ كرب، ونحسن إلى رعايا بلادنا إحسانا ينوّع في كلّ ضرب، ونديم الأمن حتّى لا ندع سوى النّيل قاطع طريق أو خارجا على درب، ونجرّد من المهابة سيفا يخشى من قربه، وطيفا يبيت به طير الكرا متململا على جنبه، وخوفا لبابه من الخصائص المحمّدية أنه يتقدّم إلى قلوب الأعداء مسيرة شهر [جيش]«٢» رعبه؛ وكانت الديار المصرية المحروسة هي التي لا يحمد سواها ذو وجهين، ولا يوجد لها في جانبيها مماثل في شيئين؛ والوجه البحريّ أوسعهما عرضا، وأقربهما من الرّيّ أرضا، وأصدقهما للبارق المحمرّ ومضا، وأجمعهما للذّهب مذاهب وللفضّة إفضا، وأثبتهما وطأة لمجرى النيل إذا أقبل في تيّاره يتدافع واشتدّت خيله ركضا؛ وهو الوجه المتهلّل بشرا، المتضوّع بطيب رياحه نشرا، المتزيّن بمدائنه أكثر مما زيّنه في مقاصيره قيصر وفي مدائنه كسرى، المتثنّي بعروس كلّ قرية زفّ بها النّيل في مسرى، وبه الثغور التي لا تشام لها بروق، والمحارس التي ما لعادية إليها طروق، وله من البحرين حاجزان، ومن الجانبين برّ مقفر وريف مقمر متبارزان، وفيه من الشّعوب والقبائل في الحضر والبادية من لا يؤمن منه باتره، ولا يخمد بغير ما يراق من دم مفسديهم ثائره. وكان لا يقوم بها «٣» كلّ القيام، ويجمع فرائدها