وهذه نسخة توقيع بتدريس، كتب به عن الإمام الناصر لدين الله، للقاضي محيي الدين «محمد بن فضلان» بتدريس المدرسة النّظاميّة ببغداد، في سنة أربع عشرة وستّمائة، وهي:
أحقّ من أفيضت عليه مجاسد «١» النّعم، وجذب بضبعه إلى مقام التنويه وتقدّم القدم، من أسفر في أفضية «٢» الفضائل صباحه، وانتشر في العالم علمه وأزهر مصباحه.
ولمّا كان الأجلّ الأوحد، العالم، محيي الدين، حجّة الإسلام، رئيس الأصحاب، مفتي الفريقين، مفيد العلوم، أبو عبد الله «محمد بن يحيى بن فضلان» ، أدام الله رفعته، ممن نظم فرائد المحامد عقده النّضيد، وأوى من العلم والعمل إلى ركن شديد، وثبتت قدمه من الديانة على مستثبت راسخ وقرار مهيد- رؤي التعويل في تفويض التدريس بالمدرسة النّظاميّة «٣» إليه: ثقة باضطلاعه واستقلاله، وتبريزه في حلبات الاستباق على نظرائه وأمثاله، وتراجع المساجلين له عن فوت غايته وبعد مناله «٤» ، وأسند إليه- أدام الله رفعته- النظر في أوقاف المدرسة المذكورة بأجمعها، واعتماد ما شرطه الواقف في مصارفها وسبلها، سكونا إلى كفايته، وركونا إلى سداده وأمانته.
ورسم له تقديم تقوى الله تعالى التي ما زال منتهجا لطرائقها، متمسّكا بعصمها ووثائقها، وأن يشرح صدره للمتعلمين، ولا تأخذه ضجرة «٥» من المستفيدين، ولا تعدو عيناه عن جهلاء الطالبين «٦» ، ولا يتبرّم بالمبالغة في تفهيم