وذكر أنّ أحسن ما قصد في هذا الفنّ مسلك الإيجاز والاختصار، وأن يسلك به مسلك الرّقاع القصار المجملة، لا الكتب الطّوال المفصّلة، وأن يرجع فيما يودعه إلى قدر الشافع والمشفوع فيه، والكاتب إذا كان مرتاضا ماهرا لم يضلّ عن تنزيل كلّ شيء [في] منزلته، وترتيبه في مرتبته.
قلت: ومن أحسن ما يطابق هذا النوع ما رأيته في بعض المصنّفات، أنّ عمرو بن مسعدة وزير المأمون كتب إلى المأمون في رقعة:
أما بعد، فإنّ فلانا سألني أن أشفع له إلى أمير المؤمنين، فأخبرته أنّي لم أبلغ عند أمير المؤمنين مبلغ الشّفاعة- فلمّا وصلت الرّقعة إلى المأمون وقّع عليها بخطّه: قد فهمنا تصريحك به وتعريضك بنفسك، واجبناك إليهما وأتحفناك بهما.
من كلام المتقدّمين:
الحسن «١» بن سهل:
كتابي إليك كتاب معتن بمن كتب له واثق بمن كتب إليه، ولن يضيع حامله بين عناية وثقة، والسّلام.
أبو الحسين «٢» بن سعد:
وقد توجّه إليك فلان بقصد فيه مستجمع، وأمل فيما قبلك منبسط، وليس بعد إصابتك عنده موضعا وعندنا متجمّلا لليد الحسنة إلّا افتراض ذلك منه ومنّا في أمره على يسر في حاجته، وتخفيف من مؤونته، فإن رأيت أن تأتي في ذلك بما يشبه أمله وظنّه، وتوجب عليه الحقّ به، ونشكر لك منه ما يبقى عندنا، بأنك بحيث تأتي الفضل وتتوخّى الصّلة، [فعلت] إن شاء الله تعالى.
آخر: معرفتي بأنك لا تتجاوز في العقوبة سبيلها من مواقع الأدب،