وخمّش القرّ فيه الجلد والتأمت ... من الضّجيعين أجسام وأحشاء
وأسفر القمر الساري بصفحته ... يرى لها في صفاء الماء لألاء
بل حبّذا نفحة من ريحه سحرا ... يأتيك فيها من الرّيحان أنباء
قل فيه ما شئت من فضل تعهّده ... في كلّ يوم يد لله بيضاء
وقال عبد الله بن المعتز يصفه ويفضله على الصيف من أبيات:
طاب شرب الصّبوح في أيلول ... برد الظلّ في الضّحى والأصيل
وخبت لفحة الهواجر عنّا ... واسترحنا من النّهار الطّويل
وخرجنا من السّموم إلى برد ... نسيم وطيب ظلّ ظليل
فكأنّا نزداد قربا من الجنّة ... في كلّ شارق وأصيل
ووجوه البقاع تنتظر الغيث ... انتظار المحبّ ردّ الرّسول
وقريب منه قول الآخر:
اشرب على طيب الزّمان فقد حدا ... بالصّيف للنّدمان أطيب حاد
وأشمّنا بالليل برد نسيمه ... فارتاحت الأرواح في الأجساد
وافاك بالأنداء قدّام الحيا ... فالأرض للأمطار في استعداد
كم في ضمائر تربها من روضة ... بمسيل ماء أو قرارة واد
تبدو إذا جاء السّحاب بقطره ... فكأنّما كنّا على ميعاد
ومما يقرب منه قول جحظة البرمكيّ «١» :
لا تصغ للّوم إن اللّوم تضليل ... واشرب ففي الشّرب للأحزان تحليل
فقد مضى القيظ واجتثّت رواحله ... وطابت الرّيح لمّا آل أيلول
وليس في الأرض بيت يشتكي مرها ... إلا وناظره بالطّلّ مكحول