فالبشرى لأهل الإسلام بما نحن عليه من الهمم المصروفة إلى الاستعداد، وجمع العساكر التي تكون لها الملائكة الكرام إن شاء الله تعالى من الأنجاد؛ والاستكثار من الجيوش الإسلامية المتوفّرة العدد، المتكاثرة المدد؛ الموعودة بالنصر الذي يحفّها في الظّعن والإقامة، الواثقة [به]«١» من قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على عدوّهم إلى يوم القيامة» . المبلّغة في نصر دين الله آمالا، المستعدة لإجابة داعي الله إذا قال: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا
«٢» .
وأما رسلهم فلان وفلان فقد وصلوا إلينا، ووفدوا علينا؛ وأكرمنا وفادتهم، وغزّرنا لأجل مرسلهم من الإقبال مادّتهم، وسمعنا خطابهم، وأعدنا عليهم جوابهم؛ هذا مع كوننا لم يخف علينا انحطاط قدرهم، ولا ضعف أمرهم؛ وأنهم ما دفعوا لأفواه الخطوب، إلا لما ارتكبوه من ذنوب؛ وما كان ينبغي أن يرسل مثل هؤلاء لمثلنا من مثله، ولا ينتدب لمثل هذا الأمر المهمّ إلا من يجمع على فصل خطابه وفضله.
وأما ما التمسوه من الهدايا والتّحف، فلو قدّموا من هداياهم حسنة لعوّضناهم بأحسن منها، ولو أتحفونا بتحفة، لقابلناها بأجلّ عوض عنها. وقد كان عمّهم الملك أحمد راسل والدنا الشهيد، وناجى بالهدايا والتّحف من مكان بعيد؛ وتقرّب إلى قلبه بحسن الخطاب، فأحسن له الجواب؛ وأتى البيوت من أبوابها بحسن الأدب، وتمسّك من الملاطفة بأقوى سبب.
والآن فحيث انتهت الأجوبة إلى حدّها، وأدركت الأنفة من مقابلة ذلك الخطاب غاية قصدها؛ فنقول: إذا جنح الملك للسّلم جنحنا لها، وإذا دخل في الملّة المحمدية ممتثلا ما أمر الله تعالى به مجتنبا ما عنه نهى، وانتظم في سلك الإيمان، وتمسك بموجباته تمسّك المتشرف بدخوله فيه لا المنّان، وتجنّب التشبّه بمن قال