قال أبو هلال العسكري في كتابه «الصناعتين» : أوّل ما ينبغي أن تستعمل في كتابك مكاتبة كل فريق على مقدار طبقتهم في الكلام وقوّتهم في المنطق. قال:
والشاهد على ذلك أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمّا أراد أن يكتب إلى أهل فارس، كتب إليهم بما يمكنهم ترجمته فكتب إليهم:«من محمد رسول الله إلى كسرى أبرويز عظيم فارس، سلام على من اتّبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وأدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافّة لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ
«١» فأسلم تسلم، وإن أبيت فإثم المجوس عليك» فسهّل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الألفاظ غاية التسهيل حتّى لا يخفى منها شيء على من له أدنى معرفة بالعربيّة.
ولما أراد «٢» أن يكتب إلى قوم من العرب، فخّم اللفظ لما عرف من قوّتهم على فهمه، وعادتهم بسماع مثله؛ فكتب لوائل «٣» بن حجر الحضرميّ:
«من محمد رسول الله إلى الأقيال «٤» العباهلة «٥» من أهل «٦» حضر موت بإقامة الصلاة وإيتاء الزّكاة. على التّيعة «٧» الشاة، والتّيمة «٨» لصاحبها، وفي السّيوب «٩» الخمس، لا خلاط «١٠» ولا وراط «١١» ولا شناق «١٢» ولا شغار «١٣» ، ومن