للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجبى «١» فقد أربى، وكلّ مسكر حرام» .

وقد ذكر العسكريّ أيضا في باب الإطناب ما يحسن أن يكون شاهدا لذلك من القرآن الكريم- فقال: قد رأينا أنّ الله تعالى إذا خاطب العرب والأعراب، أخرج الكلام مخرج الإشارة والوحي كما في قوله تعالى خطابا لأهل مكة إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ

«٢» وقوله: إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ

«٣» وقوله: أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ

«٤» في أشباه كثيرة لذلك. وإذا خاطب بني إسرائيل أو حكى عنهم، جعل الكلام مبسوطا، كما في سورة طه وأشباهها، حتّى إنه قلّما تجد قصّة لبني إسرائيل في القرآن إلا مطوّلة مشروحة ومكررة في مواضع معادة، لبعد فهمهم، وتأخّر معرفتهم.

قال في «موادّ البيان» : فيجب على الكاتب أن يتنقّل في استعمال الألفاظ على حسب ما تقتضيه رتب الخطاب والمخاطبين، وتوجبه الأحوال المتغايرة، والأوقات المختلفة؛ ليكون كلامه مشاكلا لكلّ منها، فإنّ أحكام الكلام تتغيّر بحكم تغيّر الأزمنة والأمكنة ومنازل المخاطبين والمكاتبين.

قال: ولتحرّي الصّدر الأوّل من الكتّاب إيقاع المناسبة بين كتبهم وبين الأشياء المتقدّمة الذكر استعمل كتّاب الدولة الأمويّة من الألفاظ العربية الفحلة، والمتينة الجزلة، ما لم تستعمل مثله الدولة العباسيّة؛ لأن كتّاب الدولة الأمويّة

<<  <  ج: ص:  >  >>