نسخة توقيع بالتّدريس بالجامع الأمويّ والإفتاء به، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة، كتب بها للشيخ «فخر الدين المصريّ» استمرارا ب «المجلس العالي» وهي:
رسم بالأمر الشّريف- لا زال لدولته الفخر على الإطلاق، والمنّ على الأعناق، والكرم لطالبي الإرفاد والإرفاق، والتّكريم والتّقديم لذوي التّأهيل والاستحقاق، ولا برحت النّعم الثابتة للسّاجعين بمدحه المطرب قائمة مقام الأطواق- أن يستقرّ فلان......... نفع الله ببقائه، ورفع عيون الأنجم لدرجات ارتقائه، لفوائده الّتي شملت الورى، وعلت الذّرا، وحمدت الأفهام عند صباحها السّرى، وقعد بها مسبل ذيل الحياء وسار بذكره من لا يسير مشمّرا، ومنزلته الّتي نصبت للهدى علما، وألفاظه الّتي أعربت عن بدائع بهرت فما فتح بمثلها العلماء فما، واستنباطه الّذي يقول للأول: قال وقلتم، وأقام وزلتم، واحتياطه الّذي يقول للسائلين: اهبطوا من انتساب حلقته مصرا فإنّ لكم ما سألتم؛ وأنّه الفاضل الّذي ما استنار بعلمه فتّى فتاه، والنّافع الّذي ما استطبّ بكلماته سقيم ذهن فلمّا تحرّكت شفتاه شفتاه؛ كم جلس للأشغال فثنى أنفس المارّة عن أشغالها!، ونصر العلم في حلقته المجنّدة فكان من أمرائها المنصور ولم يكن للأنداد من رجالها!، كم سلّم لبيان بحثه الحقيقيّ والمجازيّ!، وكم سطّرت لمناظرته المحمدية مع أهل الزّيغ سير ومغازي!، وكم خلص دينار فهمه المصريّ على النّقد فهيهات أن يروز مثله «الرّازي» !؛ كم فخرت مصر بانتسابه؛ ودمشق بسقيا سحابه!، وكم قال الرازي: ليت لي هذا الفخر فأروي في الأوّل بفتى خطيبه وفي الآخر بفتيّ خطابه.
فليستمرّ- نفع الله به- على وظيفته المأثورة، وحلقته الّتي نصبت على مصايد كلماته المشهورة، ومائدة علمه المنصوبة وذيول منافعها في الآفاق مجرورة، وليواظب على جلوسه بالجامع المنشرح المشروح، ودرسه المتضمّن