الطعام، فإن الطعام إذا أعيد تسخينه فسد؛ وطارق الليل فلا تحجبه فشرّ ما جاء به، ولو كان خيرا ما جاء في تلك الساعة؛ ورسول الثّغر، فإنه إن أبطأ ساعة أفسد عمل سنة فأدخله عليّ ولو كنت في لحافي» . وقد تقدّم أن صاحب ديوان الإنشاء هو الذي يتلقى المكاتبات الواردة ويقرؤها على السلطان ويجاوب عنها، فيجب على صاحب هذه الوظيفة أن يكون متيقّظا لما يرد على السلطان من نواحي ممالكه وقاصيات أعماله، فإنه المعتمد عليه في ذلك والمعوّل عليه في أمره.
وقد كان أمر البريد في الزمن المتقدّم والدواداريّة «١» يومئذ أمراء صغار وأجناد معدّون لصاحب ديوان الإنشاء، تخرج رسالة السلطان على لسان بعض الدوادارية بما يرسم به لمن يركب البريد في المهمات السلطانية وغيرها ويأتي بها إلى صاحب ديوان الإنشاء فيعلق رسالته على ما تقدّم في تعليق الرسالة ويعمل بمقتضاها. وكان للبريد ألواح من نحاس كلّ لوح منها بقدر راحة الكفّ أو نحوها منقوش على أحد وجهيه ألقاب السلطان، وعلى الوجه الآخر:
«لا إله إلا الله محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون» وفي رقبته شرّابة من حرير أصفر يجعلها راكب البريد في عنقه ويرسل اللوح على صدره علامة له فإذا حضرت الرسالة إلى كاتب السر دفع إلى البريديّ لوحا من تلك الألواح وكتب له ورقة بخطه إلى أمير آخور «٢» البريد بالإصطبل السلطاني «٣» بما تبرز به الرسالة من الخيل، ويكتب