فلذلك رسم بالأمر العالي- لا زال يرفع أهل العلم والعمل إلى أعلى مقام، ويبني لهم في جنّات القرب قصور الرّضا: لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها
«١» ومزيدهم الإكرام- أن تفوّض إليه مشيخة الشيوخ بالشام المحروس: وظيفته التي خرجت عنه، المرسوم الآن إعادتها عليه، عوضا عمّن كانت بيده، بمعلومي النّظر والمشيخة الشاهد بهما ديوان الوقف المبرور إلى آخر وقت، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، تفويضا نظمت بالقبول عقوده، ودامت في دار السعادة سعوده، وفي درج المعالي صعوده.
فليتلقّ ذلك بالقبول، وليبلّغ الفقراء من إقباله الجمّ الّذي ألجم عدوّه المنى والسّول، وليعامل المريدين بالشّفقة المعروفة من رحمة دينه وإفضاله، وليشمل كلّا منهم بعنايته ولطفه فإنّ الخلق عيال الله وأحبّهم إليه أشفقهم على عياله، وليأمرهم بملازمة إقامة الصّلاة طرفي النهار وزلفا «٢» من اللّيل، وإذا مالوا- والعياذ بالله تعالى- يوما إلى منافسة بينهم فليقل: اتّقوا الله ما استطعتم وكونوا عباد الله إخوانا ولا تميلوا كلّ الميل، وليفسح لهم حرم الخير الّذي وقفوا فيه تجاه قصر تعبّده الّذي علا بالجوهر الفرد وقوّة الإخلاص، وليدخلهم منه جنّة إقبال فوائده التي فيها من أبكار معانيه حور مقصورات في خيام أداته لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جانّ وأعجز قصره العالي وجوهره الغالي كلّ بنّاء وغوّاص، وليجعلهم له على جبل اعتماده ومروة مروءته إخوان الصّفا، وليقمهم في ركن مقام المناجاة إذا زمزم مطرب حيّهم تلقاء أهل الوفا، وليقدّم السابقين بمعرفة حقّهم ونجدتهم بالورع الّذي يغلبون به الشيطان فإنّ حزب الله هم الغالبون، وليداو قلوبهم المرضى بشراب المحبّة وتركيب أدوية الامتلاء من الدنيا ليغتذوا وقت السّحر [بحديث]«٣»(هل من تائب) ، ولا يسقهم كاسات تضعف عنها قوّتهم