نحمده على ما وهبنا من الأناة والحلم، وخصّ به دولتنا من المهابة التي تخشى يوم الحرب والمواهب التي ترجى يوم السّلم، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تكفّلت بالنجاة لقائلها، وأغنت من حافظ عليها عن ضراعات النّفوس ووسائلها، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله المبعوث برعاية الذّمم، والمنعوت بحسن الرأفة التي هي شعار أهل الوفاء والكرم، [صلى الله عليه] وعلى آله وصحبه ما تلافت الأقدار نفوسا من العدم، وتوافت الأمانيّ والمناجح فأظفرت من أخلص نيّته الجميلة بردّ ضالّة النّعم، صلاة تضفي على الأولياء حلل القبول والرضا، وتصفي من الأكدار مناهل سرورهم فكأنّ الخطب أبرق وأومض فمضى، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ أولى من انتظمت بعد الشّتات عقود مسارّه، وابتسمت بعد القطوب ثغور مبارّه، واشتملت عواطفنا عليه فجلبت أسباب منافعه وسلبت جلباب مضارّه، واحتفلت عوارفنا بالملاحظة لعهده الوثيق العرا، والمحافظة على سالف خدمته التي ما كان صدق ولائها حديثا يفترى، وسبق له من الاختصاص في الإخلاص ما يرفعه من خاطرنا مكانة عالية الذّرا- من أضحى من السابقين الأوّلين في الطاعة، والباذلين في أداء الخدمة والنّصيحة لدولتنا جهد الاستطاعة، والمالكين للمماليك بحسن الخلّة وجميل الاعتزام، والمحافظين على تشييد قواعد الملك بآرائه وراياته التي لا تسامى ولا تسام، وأمسى هو الوليّ الذي لا يشاركه أحد في إخلاص الضمير في موالاتنا وصفاء النّيّة، ولا يساهمه وليّ فيما اشتمل عليه من صدق التعبّد وجميل الطّويّة، المخلص الذي انفرد بخصائص الحقوق السابقة والآنفة، وامتاز بموجبات خدم لا تجحد محافظتها التالدة والطارفة، وطلعت شمس سعادته في سماء مملكتنا فلم يشبها الغروب، وأضاء بدره في أفق عزّه فكان سراره «١» مذهبا لأعين الخطوب.