وانتقائها، وبلّغته العناية بأجلّ مما مضى قدرا، واستقبلته الرعاية من أفق الإقبال بما إذا حقّق التأمّل وجد هلاله بدرا- من ربّي في ظلّ خدمتنا التي هي منشأ الآساد، ومربى فرسان الجهاد، وعرين ليوث الوغى التي آجامها عوالي الصّعاد، وبراثنها مواضي السّيوف الحداد، وفرائسها كماة أهل الكفر وحماة أرباب العناد؛ فكم له في الجهاد من مواقف أعزّت الدّين، وأذلّت المعتدين، وزلزلت أقدام الأبطال، وزحزحت ذوي الإقدام عن مواقف المجال، وحكّمت صفاته «١» في القمم، وأنبتت صفاحه في منابت الهمم، وفرّقت ما لأهل الكفر من صفوف، وأرتهم كيف تعدّ ألوف الرجال بالآحاد وآحادها بالألوف.
ولما كان فلان هو الذي أشير إلى مناقبه، ونبّه على شهرة إقدامه في كل موقف يمن عواقبه، وأوميء إلى خصائص أوصافه التي ما زال النصر يلحظها في مشاهد الجهاد بعين ملاحظه ومراقبه- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نجدّد اعتلاء مجده، ونزيد في أفق الارتقاء إضاءة إقباله وإنارة سعده.
فلذلك خرج الأمر الشريف لا زال...... الخ.
وهذه نسخة منشور كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون لجمال الدّين أقوش الأشرفي «٢» ، المعروف بنائب الكرك عند خروجه من الجبّ؛ وهي:
الحمد لله مفرّح القلوب، ومفرّج الكروب، ومبهج النفوس بذهاب غياهب الخطوب، ومبلّغ من تقادم عهده في حفظ ولائنا نهاية المرغوب، وغاية المطلوب، الذي أعاد إلى المخلصين في طاعتنا النعمة بعد شرودها، وعوّضهم عن تقطيب الأيّام بابتسامها وعن خمولها بسعودها، وألقى على الأول منهم جمالا لا يسع الأذهان أن تّتصف بإنكار حقوقه وجحودها.