وهذه نسخة منشور، كتب به للأمير خاص «١» ترك في الرّوك «٢» الناصريّ؛ وهي:
الحمد لله على نعمه التي سرت إلى الأولياء ركائبها، وهمت على رياض الأصفياء سحائبها، وتوالت إلى من أخلص في الطاعة بغرائب الاحسان رغائبها، وتكفّلت لمن خصّ بأسنى رتب البرّ الحسان مكارمها العميمة ومواهبها، وغمرت بحار كرمها الزاخرة من يحدّث عن شجاعته ولا حرج كما يحدّث عن البحور التي لا تفنى عجائبها.
نحمده على نعمه التي إذا أغبّتنا سحائب النّدى أعقبت سحائب، وخصّت الخواصّ من درج الامتنان بمراتب تزاحمها الكواكب على نهر المجرّة بالمناكب، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة لا يزال الجهاد يرفع ألويتها، والجلاد يعمر بوفود الإخلاص أنديتها، والإيمان يشيّد في الآفاق أركانها الموطّدة وأبنيتها، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي أيده الله بنصره، وخصّه بمزيّة التّقدّم على الأنبياء مع تأخّر عصره، وآتاه من المعجزات ما تكلّ ألسنة الأقلام عن إحصائه وحصره، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين حاطوا دينه بالمحافظة على جهاد أعدائه، وأيّدوا ملّته بإعادة حكم الجلاد في سبيل الله وإبدائه، صلاة لا يزال الإيمان يقيم فرضها، والإيقان يملأ طول البسيطة وعرضها، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن أولى من ضوعفت له النّعم، ووطّدت له الرّتب التي لا تدرك غاياتها إلا بسوابق الخدم، وأشرقت به مطالع السّعود، وحقّقت له مطالب الاعتلاء والصّعود، ورفعته مواقع الإحسان إلى أسنى المراتب التي هو مليّ بارتقائها، وتولّت له هوامع البرّ والامتنان انتقاء فرائد النّعم التي هو حقيق باختيارها