[بحر أبي المنجا] أما بحر أبي المنجا، فإنه وإن عظم شأنه مستحدث، حفره الأفضل «١» بن أمير الجيوش وزير المستعلي بالله الفاطميّ.
قال ابن أبي المنصور في «تاريخه» : وكان سبب حفره أن البلاد الشرقية كانت جارية في ديوان الخلافة، وكان معظمها لا يروى في أكثر السنين ولا يصل الماء إليها إلا من خليج السّردوس المتقدّم ذكره، أو من غيره من الأماكن البعيدة.
وكان يشارف العمل يهوديّ اسمه أبو المنجا، فرغب أهل البلاد إليه في فتح ترعة يصل الماء منها إليهم في ابتدائه فرفع الأمر إلى الأفضل، فركب في النيل في ابتدائه في مركب ورمى بحزم من البوص «٢» في النيل وجعل يتبعها بمركبه إلى أن رماها النيل إلى فم ذلك البحر فحفر من هناك، وابتدأ حفره يوم الثلاثاء السادس من شعبان سنة ست وخمسمائة، وأقام الحفر فيه سنتين وغرم فيه مال كثير. وكان في كل سنة تظهر فائدته، ويتضاعف ارتفاع البلاد التي تحته، وغلب عليه إضافته إلى أبي المنجا لتكلمه فيه. فلما عرض على الأفضل ما صرف عليه استعظمه وقال:
غرمنا عليه هذا المال العظيم والاسم لأبي المنجا، فسماه البحر الأفضليّ فلم يتم له ذلك ولم يعرف إلا بأبي المنجا، ثم سطى «٣» بأبي المنجا المذكور بعد ذلك ونفي إلى الإسكندرية. ولما ولي المأمون بن البطائحي الوزارة تحدّث معه الأمراء في أن يتخذ لفتحه يوما كفتح خليج القاهرة، فابتنى عند سدّه منظرة متسعة ينزل فيها عند فتحه «٤» .