الإسكندرية، والشام، بالجلالة والاحترام، لكافّة غلماننا الواردين إلى الديار المصريّة، ومن انتسب إلينا من تاجر وغيره، مسافرا كان أو مقيما، وأن يعار في مهمّاته، جلالة تفيّأ ظلالها، ويشمله إقبالها، كما سبق للوالد المرحوم المقدّس الملك المجاهد، تغشّاه الله برحمته، بل نرجو فوق ذلك مظهرا، إن شاء الله، فثمّ خطوط ناصريّة من السلطان حسن والملك الصالح لخدّامنا القدماء، لمّا أرسلوا إلى الإسكندرية ودمشق، كتب لهم مربّعات ومثالات شريفة، ولا غرو أن يبدي المستعطي ما في ضميره إلى المعطي، والاشتهار بما بيننا وبين المقام الشريف من الأخوّة الممهّدة، والمصافاة المؤكّدة، والمودّات المحكمة، والأسباب الثابتة، أوجب ذلك، وحسن الظنّ الجميل نطق به لسان الحال، في هذا الاسترسال. ولم يخف عن المقام الشريف أنّ لله عوارف يجذب بها القلوب إليه، ولطائف خفيّة يستدلّ بها المحبّ عليه، وتعاطي كأس الوداد، يدلّ على حسن الاعتقاد، ولذلك نطق اللّسان، وكتب البنان، بما افترض على عباده الرحمن، فقال في محكم كتابه المبين ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين
«١» ومحبّ المقام الشريف يقدّم الكتاب، ويسأل الجواب، بالإذن الشريف، ليعتمد بعد الله عليه في حجّ البيت الحرام، عند تيسير الله تعالى لذلك، فقد حسّن ظنّه بذلك، وركن إليه لقضاء الفرض والتبرّك بالمشاعر العظام، فلا زالت أيّام المقام الشريف على منابر الدنيا تتلى، وآيات الشكر لله سبحانه على استقراره في الملك العقيم تملى. جميع هذا الخطاب مقدّمة الإيجاب بالإذن بالحج، وتسفير المحمل في كل عام، إلى بيت الله الحرام، فحاجّ اليمن تعذرت عليه الطّرقات، ولم يطق حمل النّفقات، ونرجو من الله تعالى أن يفتح ببركة أيامه الشريفة، وشمول الفكر الشريف، بحلّ عقدة هذه الأسباب، إنه هو الكريم الوهّاب، بمنّه وكرمه.
وأمّا ما نعتقده من أمانة المجلس البرهانيّ فإنها متينة، وشواهدها من أقواله