لأنها النافذة في تصريف الأمور وتنفيذ المراسيم ولاية وعمالة.
قال: وليس لهذا أمثلة فنوردها، لكنّه ينبغي للكاتب أن يؤكّد القول بها، فإن الأمر فيها والنّهي- وإن اختلف نظمهما- نوع واحد؛ لأن كلّ مأمور به منهيّ عن ضدّه، وكلّ منهيّ عنه مأمور بضدّه، فينبغي له أن يؤكّد القول في امتثال ما أمر، والعمل عليه والإنفاذ له، والانتهاء عما نهى عنه، والحذر من الإلمام به.
ويجزم الأمر في العبارة عنهما جزما تامّا لا يتمكّن معه من الإخلال ببعضهما والنّقص فيهما لهوى، ويأتي من المبالغة بما يضيّق العذر، ومتى وقع تقصير أو تثاقل عما حدّد فيهما، فإنّما يمثّل ذلك بمثل جامعة مع تفنّن المعاني التي يأمر بها وينهى عنها. ثم قال: والكاتب إذا عرف الترتيب الواقع في هذين الغرضين على طريق الإجمال، أمكنه أن يبسطه إذا احتاج إلى التفصيل والبيان بمشيئة الله تعالى.
واعلم أنه كان للخلفاء والملوك وولاة الأمور في قديم الزمان عناية بالكتابة إلى الرعايا بالأوامر والنّواهي المتعلقة بالدّين، من الأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر، وما يجري مجرى ذلك، وإلى العمّال بالوصيّة بالرعايا، والاجتهاد فيما لديهم من جباية الخراج، والاهتمام بأمر الدّواوين، وما أشبه ذلك.
فأما الأوامر والنواهي المتعلقة بالدّين، فقد تقدّم في الكلام على مصطلح أهل الغرب في أوائل هذه المقالة من إنشاء أبي زيد «١» الفازازي ما أغنى ذكره هناك عن إعادته هنا أو ذكر غيره.
وأما الأوامر والنواهي المتعلقة بأمور السّلطنة، فمن ذلك ما كتب به أبو عبد الله بن الجنان «٢» ، عن الأمير أبي عبد الله بن «٣» هود أحد ملوك الطوائف