يجعل الربيع الفصل الذي تدرك فيه الثمار، وهو الخريف، وبعده فصل الشتاء، ثم فصل الصيف وهو الوقت الذي تسمّيه العامّة الربيع، ثم فصل القيظ وهو الذي تسميه العامة الصّيف، ومنهم من يسمّي الفصل الذي تدرك فيه الثمار وهو الخريف الربيع الأوّل، ويسمّي الفصل الذي يلي الشتاء وتأتي فيه الكمأة والنّور الربيع الثاني، وكلهم مجمعون على أن الخريف هو الربيع.
وفي بعض التعاليق أن من العرب من جعل السنة ستة أزمنة: الأوّل الوسمي وحصّته من السنة شهران، ومن المنازل أربع منازل وثلثا منزلة وهي العوّاء، والسّماك والغفر، والزّبانان، وثلثا الإكليل. الثاني الشتاء، وحصته من السنة شهران، ومن المنازل أربع منازل وثلثا منزلة وهي ثلث الإكليل، والقلب، والشّولة، والنّعائم، والبلدة، وثلث الذّابح، الثالث الربيع، وحصته من السنة شهران، ومن المنازل أربع منازل وثلثا منزلة، وهي ثلثا الذابح وبلع، والسّعود، والأخبية، والفرغ المقدم، الرابع الصيف، وحصته من السنة شهران، ومن المنازل أربع منازل وثلثا منزلة، وهي الفرغ المؤخّر، وبطن الحوت، والشّرطان، والبطين، وثلثا الثريّا، الخامس الحميم، وحصته من السنة شهران، ومن المنازل أربع منازل وثلثا منزلة وهي ثلث الثريا، والدّبران والهقعة، والهنعة، والذّراع وثلث النثرة. السادس الخريف، وحصّته من السنة شهران، ومن المنازل أربع منازل وثلثا منزلة وهي ثلثا النّثرة، والطّرف، والجبهة، والخرتان، والصّرفة.
والأوائل من علماء الطّب يقسمون السنة إلى الفصول الأربعة، إلا أنهم يجعلون الشتاء والصيف أطول زمانا وأزيد مدّة من الربيع والخريف، فيجعلون الشّتاء أربعة أشهر، والصيف أربعة أشهر، والربيع شهرين، والخريف شهرين، إذ كانا متوسطين بين الحرّ والبرد وليس في مدّتهما طول ولا في زمانهما اتّساع.
واعلم أن ما تقدّم من تفضيل بعض الفصول على بعض إنما هو أقاويل الشّعراء وأفانين الأدباء، تفنّنا في البلاغة؛ وإلا فالواضع حكيم جعل هذه الفصول مشتملة على الحرّ تارة وعلى البرد أخرى لمصالح العباد، ورتّبها ترتيبا خاصّا على