الدّقة والغلظ، ولا تبره عند عقدة فإن فيه تعقيد الأمور، ولا تكتب بقلم ملتوي، ولا ذي شقّ غير مستوي؛ وإن أعوزك البحريّ والفارسيّ، واضطررت إلى الأقلام النبطية فاختر منها ما يميل إلى السّمرة.
وقال إبراهيم بن محمد الشيباني «١» : ينبغي للكاتب أن يتخيّر من أنابيب القصب أقلّه عقدا، وأكثفه لحما، وأصلبه قشرا، وأعدله استواء. وقال العتابي:
فقلت: ما نشف بالهجير ماؤه، وستره من تلويحه غشاؤه؛ من التّبريّة القشور، الدّرّيّة الظهور، الفضية الكسور.
وكتب عليّ بن الأزهر إلى صديق له يستدعي منه أقلاما:
أما بعد، فإنا على طول الممارسة لهذه الكتابة التي غلبت على الاسم، ولزمت لزوم الوسم؛ فحلّت محل الأنساب، وجرت مجرى الألقاب، وجدنا الأقلام الصخريّة أجرى في الكواغد «٢» ، وأمرّ في الجلود؛ كما أن البحريّة منها أسلس في القراطيس، وألين في المعاطف، وأشدّ لتصرّف الخط فيها؛ ونحن في بلد قليل القصب رديئه، وقد أحببت أن تتقدّم في اختيار أقلام صخرية، وتتنوّق «٣» في اقتنائها قبلك، وتطلبها من مظانّها ومنابتها، من شطوط الأنهار، وأرجاء الكروم؛ وأن تتيمن «٤» باختيارك منها الشديدة الصّلبة، النقيّة الجلود، القليلة الشحوم، الكثيرة اللحوم، الضيّقة الأجواف، الرزينة المحمل، فإنها أبقى على