جهاتها، مستوفية للممادح بسائر صفاتها؛ صلبة المعاجم، لدنة المقاطع؛ موفية «١» القدود والألوان، محمودة المخبر والعيان؛ وقد استوى في الملاسة خارجها وداخلها، وتناسب في السّلاسة عاليها وسافلها؛ نبتت بين الشمس والظل، واختلف عليها الحرّ والقرّ؛ فلفحها وقدان الهواجر، ولفعها سمائم شهر ناجر «٢» ؛ ووقذها الشّفّان بصرده «٣» ، وقذفها الغمام ببرده، وصابتها الأنواء بصيّبها، واستهلّت عليها السحائب بشآبيبها؛ فاستمرّت مرائرها على إحكام، واستحصد سجلها «٤» بالإبرام؛ جاءت شتّى الشّيات، متغايرة الهيئات، متباينة المحالّ والبلدان؛ تختلف بتباعد ديارها، وتأتلف بكرم نجارها.
فمن أنانيب قنا ناسبت رماح الخط في أجناسها، وشاكلت الذهب في ألوانها، وضاهت الحرير في لمعانها؛ مضابطة الحفاء، نمرة القوى؛ لا يسيطها القطّ، ولا يشعّب بها الخط.
ومن مصريّة بيض كأنها قباطيّ «٥» مصر نقاء، وغرقيء «٦» البيض صفاء؛ غذاها الصعيد من ثراه بلبّه، وسقاها النيل من نميره وعذبه؛ فجاءت ملتئمة الأجزاء، سليمة من الالتواء؛ تستقيم شقوقها في أطوالها، ولا تنكّب عن يمينها ولا شمالها، مقترن بها صفراء كأنها معها عقيان قرن بلجين «٧» ، أو ورق خطّ بعين؛