حروف العربية؛ وقضية ذلك أن حروف العربية أنزلت على آدم عليه السلام وهو الموافق لما في أوّل الفصل قبله، لكن في كتاب «التنبيه على نقط المصاحف وشكلها» للشيخ أبي عمرو الدانيّ «١» رحمه الله أنها أنزلت على هود عليه السلام؛ ولا تباين بينهما، لجواز أن تنزل على آدم مرّة وعلى هود أخرى، فربما نزلت الآية على نبيّ ثم نزلت على نبيّ آخر كما قيل في قوله تعالى: حم عسق كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ
«٢» إنه ما بعث الله تعالى نبيّا إلّا وأنزل عليه حم عسق
. وقد أنزلت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
على سليمان عليه السلام ثم أنزلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ وربما أنزلت الآية الواحدة على النبي صلى الله عليه وسلم مرتين كما في الفاتحة فإنها نزلت مرة بمكة ومرة بالمدينة على أحد الأقوال.
وعلى الجملة فقضيته أنها توقيفيّة وهو الموافق لأحد الأقوال في مطلق الحروف. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن أوّل من وضع الحروف العربية ثلاثة رجال من بولان «٣»(وبولان قبيلة من طيء) نزلوا مدينة الأنبار «٤» ، وهم مرامر ابن مرّة، وأسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة «٥» ، اجتمعوا فوضعوا حروفا مقطّعة وموصولة، ثم قاسوها على هجاء السّريانية؛ فأما مرامر فوضع الصّور، وأما أسلم ففصل ووصل، وأما عامر فوضع الإعجام؛ ثم نقل هذا العلم إلى مكة وتعلّمه من تعلمه وكثر في الناس وتداولوه.