انقراضها. ولما ولي الفاطميون الديار المصرية، صرفوا مزيد عنايتهم لديوان الإنشاء وكتّابه، فارتفع بهم قدره، وشاع في الآفاق ذكره، وولي ديوان الإنشاء عنهم جماعة من أفاضل الكتّاب وبلغائهم: ما بين مسلم وذميّ، فكتب للعزيز بالله ابن المعز أبو المنصور بن سوردين النصرانيّ، ثم كتب بعده لابنه الحاكم ومات في أيامه، فكتب للحاكم القاضي أبو الطاهر البهزكيّ، ثم كتب بعده لابنه الظاهر، وكتب للمستنصر القاضي وليّ الدين بن خيران، ثم وليّ الدولة موسى بن الحسن قبل انتقاله إلى الوزارة، وأبو سعيد العميديّ. وكتب للآمر والحافظ الشيخ الأجلّ أبو الحسن عليّ بن أبي أسامة الحلبيّ إلى أن توفّي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة فكتب بعده ولده الأجلّ أبو المكارم إلى أن توفّي في أيام الحافظ؛ وكان يكتب بين يديهما الشيخ الأمين تاج الرّآسة أبو القاسم عليّ بن سليمان بن منجد المبصري المعروف بابن الصيرفيّ، والقاضي كافي الكفاة محمود ابن القاضي الموفّق أسعد بن قادوس، وابن أبي الدم اليهوديّ، ثم كتب بعد الشيخ أبي المكارم بن أبي أسامة المتقدّم، ذكره القاضي الموفّق ابن الخلّال أيام الحافظ، وإلى آخر أيام العاضد؛ وبه تخرج القاضي الفاضل البيساني، ثم شرّك العاضد مع الموفّق ابن الخلّال في ديوان الإنشاء القاضي جلال الملك محمود بن الأنصاري وكان في أيامه القاضي المؤتمن كاسيبويه.
ثم كتب القاضي الفاضل بين يدي الموفّق ابن الخلّال قرب وفاته في سنة ست وستين وخمسمائة في وزارة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وكتب من إنشائه عدّة سجلّات ومكاتبات عن العاضد آخر خلفائهم.
الحالة الرابعة- ما كان الأمر عليه من ابتداء دولة بني أيوب إلى آخر انقراضها.
قد تقدّم أن القاضي الفاضل رحمه الله كان قد كتب بين يدي الموفّق ابن الخلّال في وزارة السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله عن العاضد آخر خلفاء الفاطميين، فلما استقلّ السلطان صلاح الدين المذكور بالملك وخطب لبني العبّاس على ما تقدّم في الكلام على ملوك مصر، فوّض