وأما ما يتصل بالبحر الروميّ المتقدّم الذكر فبحر نيطش «١»(بنون مكسورة وياء مثناة تحت ساكنة وطاء مهملة مكسورة وشين معجمة في الآخر) وهو المعروف في زماننا ببحر القرم، لتركّب بلاد القرم على ساحله، ويعرف أيضا بالبحر الأرمنيّ، لتركّب بعض بلاد أرمينية على بعض سواحله، وربما قيل فيه البحر الأسود، وهو متصل ببحر الروم المذكور من شماليه ويتركب عليه من آخره (بحر ما نيطش)«٢» بزيادة لفظ «ما» في أوّله وباقي الضبط على ما تقدّم وهو المعروف في زماننا ببحر الأزق، لتركّب بلاد الأزق «٣» على ساحله الشرقيّ وليس وراءه بحر متصل به، ولذلك يعبر عنه بعضهم ببحيرة ما نيطش، وهو يصبّ في بحر نيطش، وبحر نيطش يصب في بحر الروم؛ ولذلك تسرع المراكب في سيرها من القرم إلى بحر الروم، وتبطىء في سيرها من بحر الروم إلى القرم لاستقبالها جريان الماء.
وأوّل بحر نيطش المذكور مما يلي بحر الروم. (الخليج القسطنطيني) المتقدّم ذكره في تحديد بحر الروم، وهو خليج ضيق للغاية بحيث يرى الإنسان صاحبه من البر الآخر.
قال ابن سعيد: وطول هذا الخليج نحو خمسين ميلا.
وذكر في «تقويم البلدان» عن بعض المسافرين أن طوله سبعون ميلا واتصاله بالبحر الروميّ من جانبه الشمالي، ويمتدّ شمالا (على سواحل بلاد الروم) من البر الشرقيّ منه إلى (قلعة الجرون) ، وهي قلعة خراب على ساحل هذا الخليج مقابل القسطنطينية، ويمتدّ من الجرون شمالا بميلة يسيرة إلى الشرق إلى مدينة كربى على خليج القسطنطينية على القرب من الجرون المذكورة، ثم