للدرجة الواحدة من الأميال يكن أربعمائة وخمسة أميال وثلث سدس ميل، فإذا اعتبرت كل أربعة وعشرين ميلا بمرحلة على ما تقدّم، كانت سبع عشرة مرحلة تقريبا، وهو القدر الذي بين الفسطاط ودمشق على الخط المستقيم.
أما الطرق المسلوكة إلى البلدان على التعاريج بسبب البحار والجبال والأودية وغيرها، فإنها تقتضي الزيادة على ذلك.
وقد ذكر أبو الرّيحان البيرونيّ في كتابه «القانون» : أن زيادة التعاريج على الاستواء يكون بقدر الخمس تقريبا. فإذا كان بين البلدين أربعون ميلا على الخط المستقيم، كانت بحسب سير السائر خمسين ميلا.
قلت: وفيه نظر لطول بعض التعاريج على بعض في الزيادة بالبحار والجبال عن الخط المستقيم على ما هو مشاهد في الأسفار، اللهم إلا أن يريد الغالب كما تقدّم بين الفسطاط ودمشق، فقد مرّ أن بينهما على الخط المستقيم سبع عشرة مرحلة بالتقريب، فإذا أضيف إليها مثل خمسها، وهو ثلاثة وخمسان، كانت عشرين مرحلة، وهو القدر المعتاد في سيرها بالسير المعتدل.
واعلم أن طول البلدان وعروضها قد وقع في الكتب المصنفة فيها ككتاب «الأطوال» المنسوب للفرس، و «رسم المعمور»«١» ، المترجم للمأمون من اللغة اليونانية، «والزيجات» وغير ذلك اختلاف كثير وتباين فاحش. وممن صرح بذكر ذلك أبو الريحان البيروني في كتابه «القانون» فقال عند ذكرها: ولم يتهيأ لي تصحيح جميعها، وقد صححت ما أمكن منها.
قال في «تقويم البلدان» : إلا أن معرفة ذلك بالتقريب خير من الجهل بالكلية.