الشافعي «١» وهو يومئذ قاضي الديار المصرية بمفرده، وشهد أولئك العرب بنسبه، ثم شهد جماعة من الشهود على شهادتهم بحكم الاستفاضة، وأثبت ابن بنت الأعز نسبه، ثم بايعه الملك الظاهر بالخلافة وأهل الحلّ والعقد، واهتم الملك الظاهر بأمره، واستخدم له عسكرا عظيما، وتوجه الملك الظاهر إلى الشام وهو صحبته فجهّزه من هناك بعسكره إلى بغداد طمعا أن يستولي عليها وينتزعها من التتار، فخرج إليه التتار قبل أن يصل بغداد فقتلوه، وقتلوا غالب عسكره في العشر الأول من المحرم سنة ستين وستمائة، فكانت خلافته دون السنة؛ وهو أوّل خليفة لقب بلقب خليفة قبله، وكانوا قبل ذلك يلقبون بألقاب مرتجلة.
وقام بالأمر بعده «الحاكم بأمر الله» أبو العباس أحمد بن حسين بن أبي بكر ابن الامير أبي علي القبّي ابن الأمير حسن بن الراشد بالله أبي جعفر المنصور المتقدّم ذكره في الخلفاء ببغداد. قدم مصر سنة تسع وخمسين وستمائة، وهو ابن خمس عشرة سنة في سلطنة الظاهر بيبرس، وقيل إن الظاهر بعث من أحضره إليه من بغداد، وجلس له مجلسا عامّا أثبت فيه نسبه، وبايعه بالخلافة في سنة ست وستين وستمائة، وأشركه معه في الدعاء في الخطبة على المنابر، إلا أنه منعه التصرف والدخول والخروج. ولم يزل كذلك إلى أن ولي السلطنة الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون، فأسكنه بالكبش بخط الجامع الطولوني «٢» ، فكان يخطب أيام الجمعة في جامع القلعة ويصلي، ولم يطلق تصرفه إلى أن تسلطن المنصور لاجين «٣» ، فأباح له التصرف حيث شاء وأركبه معه في الميادين؛ وتوفي