إظهارا للحرب على الظافر، ودخل القاهرة على ذلك، فكان ذلك من الفأل العجيب، وهو أن مصر انتقلت إلى بني العباس بعد خمسة عشرة سنة، ورفعت راياتهم السّود بها.
وأما تولية الملوك عن الخلفاء، فكان الحال فيه مختلفا باعتبار السلطان بحضرة الخلافة وغيره، فإن كان الذي يوليه الخليفة هو السلطان الذي بحضرة الخلافة، كبني بويه وبني سلجوق وغيرهم، فقد حكى ابن الأثير وغيره أن السلطان طغرلبك بن ميكائيل السّلجوقيّ لما تقلد السلطنة عن «القائم بأمر الله»«١» في سنة تسع وأربعين وأربعمائة، جلس له الخليفة على كرسيّ ارتفاعه عن الأرض نحو سبعة أذرع، وعليه البردة، ودخل عليه طغرلبك في جماعة، وأعيان بغداد حاضرون، فقبّل طغرلبك الأرض ويد الخليفة، ثم جلس على كرسيّ نصب له، ثم قال رئيس الرؤساء وزير الخليفة عن لسان الخليفة:«إن أمير المؤمنين قد ولّاك جميع ما ولّاه الله تعالى من بلاده، وردّ إليك أمر عباده، فاتق الله فيما ولّاك، واعرف نعمته عليك» ثم خلع على طغرلبك سبع جبّات سود بزيق واحد «٢» ، وعمامة سوداء، وطوّق بطوق من ذهب، وسوّر بسوارين من ذهب وأعطى سيفا بغلاف من ذهب، ولقبه الخليفة، وقريء عهده عليه فقبل الأرض ويد الخليفة ثانيا وانصرف، وقد جهّز له فرس من إصطبلات الخليفة بمركب من ذهب مقندس فركب وانصرف إلى داره، وبعث إلى الخليفة خمسين ألف دينار، وخمسين مملوكا من