سوداء مرقومة الطرف بالبياض، فألبسها السلطان وقلّده سيفه، ثم أتي بالعهد المكتوب عن الخليفة للسلطان فقرأه القاضي علاء الدين بن فضل الله «١» كاتب السر إلى آخره، فلما فرغ من قراءته، تناوله الخليفة فكتب عليه ما صورته- فوّضت إليه ذلك- وكتب- أحمد بن عم محمد صلى الله عليه وسلم- وكتب القضاة الأربعة شهادتهم بالتولية، ثم أتي بالسماط على العادة.
وأخبرني من حضر تقليد السلطان الملك الناصر فرج بن الظاهر برقوق عن الإمام المتوكل على الله أبي الفتح محمد المشار إليه فيما تقدّم: أنه حضر الخليفة وشيخ الإسلام سراج الدين البلقينيّ «٢» ، والقضاة «٣» الأربعة وأهل العلم، وأمراء الدولة إلى مقعد بالإصطبلات السلطانية يعرف بالحرّاقة، وجلس الخليفة في صدر المكان على مقعد مفروش له، ثم أتى السلطان وهو يومئذ حدث، فجلس بين يديه، وسأله شيخ الإسلام عن بلوغه الحلم فأجاب بالبلوغ، فخطب الخليفة خطبة، ثم خاطب السلطان بتفويض الأمر إليه على نحو ما تقدّم ذكره، ثم أتي الخليفة بخلعة سوداء وعمامة سوداء مرقومة فوقها طرحة سوداء مرقومة، ثم جلس الخليفة في مكانه الذي كان جالسا فيه، ونصب للسلطان كرسيّ إلى جانب مقعد الخليفة فجلس عليه، وجلس الأمراء والقضاة حوله على قدر منازلهم، وقد استقرت جائزة تقليد السلطنة للخليفة ألف دينار مع قماش سكندري.