جعل ابتداء الحدّ الشماليّ نفس رفح، ونهاية الحدّ الغربيّ حدود بلاد النّوبة؛ وفي «التعريف» جعل ابتداء الحدّ الشمالي ما بين الزعقة ورفح، ونهاية الحدّ الغربي صحراء بلاد الحبشة على ما تقدم في التحديد، والأمر في ذلك قريب.
وخالف في ذلك القضاعيّ فجعل ابتداء الحدّ الشّماليّ من العريش، وليس فيه بعد عن رفح بل في الآثار ما يدل عليه، كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى. وجعل الحدّ الجنوبيّ يقطع بحر القلزم وينتهي إلى ساحل الحجاز بالحوراء «١» : أحد منازل طريق الحجاز من مصر؛ والحدّ الشرقيّ يمتدّ على ساحل البحر الشرقيّ إلى مدين، إلى أيلة، إلى تيه بني إسرائيل «٢» ، إلى العريش. فأدخل بحر القلزم من حدّ الحوراء إلى نهايته في الشّمال، وما على ساحله من برّ الحجاز مما يسامت العريش كأيلة ومدين ونحوها في أرض مصر.
قلت: وفيه نظر، والظاهر ما تقدّم لأن البر الشرقيّ من القلزم معدود من ساحل الحجاز من جملة جزيرة العرب، وهي ناحية على انفرادها؛ وكأن الذي حمل القضاعيّ على ذلك مسامتة هذا الساحل لحدّها بساحل البحر الروميّ على ما تقدّم.
واعلم أن جميع المحدّدين لها وإن اختلفت عباراتهم في ابتداء الحدّ الشّمالي الفاصل بينها وبين الشام، هل هو من العريش أو من رفح، أو بين الزعقة ورفح، متفقون على أن ابتداء الحدّ حيث الشجرتان «٣» ، وكأنهما شجرتان قديمتان حدّد في الأصل بهما.