الرائقة، والخوانق الفاخرة، مما لم يسمع بمثله في قطر من الأقطار، ولا عهد نظيره في مصر من الأمصار. وغالب مبانيها بالآجرّ؛ وجوامعها ومدارسها وبيوت رؤسائها مبنية بالحجر المنحوت، مفروشة الأرض بالرخام، مؤزّرة الحيطان به، وغالب أعاليها من أخشاب النخل والقصب المحكم الصنعة؛ وكلها أو أكثرها مبيّضة الجدر بالكلس الناصع البياض، ولأهلها القوّة العظيمة في تعلية بعض المساكن على بعض حتّى إن الدار تكون من طبقتين إلى أربع طبقات «١» بعضها على بعض، في كل طبقة مساكن كاملة بمنافعها ومرافقها، وأسطحة مقطعة بأعلاها بهندسة محكمة، وصناعة عجيبة.
قال في «مسالك الأبصار» : لا يرى مثل صنّاع مصر في هذا الباب، وبظاهرها البساتين الحسان، والمناظر النّزهة، والآدر المطلّة على النيل، والخلجان الممتدّة منه ومن مدّه؛ وبها المستنزهات المستطابة، خصوصا زمن الربيع لغدرانها الممتدّة من مقطعات النيل وما حولها من الزروع المختلفة وأزهارها المائسة التي تسرّ الناظر وتبهج الخاطر.
قال ابن الأثير في «عجائب المخلوقات» : وأجمع المسافرون برّا وبحرا أنه لم يكن أحسن منها منظرا، ولا أكثر ناسا، وإليها يجلب ما في سائر أقاليم الأرض من كل شيء غريب وزيّ عجيب؛ وملكها ملك عظيم، كثير الجيوش،