وبصدر الدهاليز المتقدّمة الذكر مصطبة يجلس عليها مقدّم المماليك «١» ، وعندها مدخل باب السر المتقدّم ذكره، وفي مجنبة ذلك ممرّ يدخل منه إلى ساحة يواجه الداخل إليها باب الإيوان الكبير المتقدّم ذكره، وهو إيوان عظيم عديم النظير، مرتفع الابنية، واسع الأفنية، عظيم العمد، عليه شبابيك من حديد عظيمة الشأن محكمة الصنعة؛ وبصدره سرير الملك، وهو منبر من رخام مرتفع، يجلس عليه السلطان في أيام المواكب العظام لقدوم رسل الملوك ونحو ذلك.
ويتامن عن هذا الإيوان إلى ساحة لطيفة بها باب القصر الأبلق المتقدّم ذكره، وبنواحيها مصاطب يجلس عليها خواصّ الأمراء قبل دخولهم إلى الخدمة؛ ويدخل من باب القصر إلى دهاليز عظيمة الشأن، نبيهة القدر، يتوصّل منها إلى القصر المذكور، وهو قصر عظيم البناء، شاهق في الهواء، به إيوانان في جهتي الشّمال والجنوب، أعظمهما الشّماليّ، يطلّ منهما على الإصطبلات السلطانية، ويمتدّ النظر منهما إلى سوق الخيل والقاهرة والفسطاط وحواضرها، إلى مجرى النيل، وما يلي ذلك من بلاد الجيزة والجبل وما والى ذلك؛ وبصدره منبر من رخام كالذي في الإيوان الكبير يجلس عليه السلطان أحيانا في وقت الخدمة على ما يأتي ذكره.
والإيوان الثاني وهو القبليّ خاص بخروج السلطان وخواصّه منه، من باب السر إلى الإيوان الكبير خارج القصر للجلوس فيه أيام المواكب العامّة، ويدخل من القصر المتقدّم ذكره إلى ثلاثة قصور جوّانية: واحد منها مسامت لأرض القصر الكبير، واثنان مرفوعان، يصعد إليهما بدرج؛ في جميعها شبابيك من حديد تشرف على ما يشرف عليه القصر، ويدخل من القصور الجوّانية إلى دور الحريم وأبواب الستور السلطانية؛ وهذه القصور جميعها ظاهرها بالحجر الأسود