وهي أرض متّسعة الأرجاء، مديدة الفضاء، وهي من أزكى الأراضي دوابّ، وأمراها مرعى.
قال في «مسالك الأبصار» : أخبرني بعض من رآها أنها شبيهة بأطراف الشام وجبال نابلس في منابت أشجارها وكيفية أرضها وما هي عليه، وأنها لو عمرت بالسكان وتأهلت بالزّرّاع، كانت إقليما كبيرا يقارب نصف الشأم، قال: وبها الماشية والسائمة الكثيرة: من الإبل والغنم والخيل، وخيلها من أقوى الخيل وأصلبها حوافر، وصورها بين العراب «١» والبراذين، وقد جمعت بين حسن العراب وكمال تخاطيطها، وصلابة البراذين وثباتها على الوعور، وهي إلى محاسن العراب أقرب، ولكنها لا تبلغ شأو خيل البحرين والحجاز؛ وفحولها أنجب من إناثها. قال: وكذلك بها المدن المبنية، والقصور العلية، والآثار الدالة على ما كانت عليه من الجلالة.
قال ابن سعيد: وهي سلطنة طويلة، وإن لم يكن لها استقلال لاستيلاء العرب عليها، وهي إلى إفريقيّة أقرب منها إلى مصر. قال: وكان سريرها في القديم بمدينة (طبرقة)«٢» . وذكر صاحب «الروض المعطار» : أن قاعدتها كانت مدينة (أنطابلس) ، وقد تقدّم من كلام القضاعيّ في تحديد الديار المصرية في آخر الحدّ الشمالي ما يوافقه.
قال في «مسالك الأبصار» : ومن مدنها طلميثا. قلت: والتحقيق أن برقة قسمان: قسم محسوب من الديار المصرية، وهو ما دون العقبة الكبرى إلى الشرق، وقسم محسوب من إفريقيّة، وهو ما فوق العقبة المذكورة إلى الغرب، وهذه المدن الثلاث مما يلي جهة المغرب، والقسمان كلاهما اليوم بيد العرب