جميع أقطار الأرض، وهي فرضة بلاد المغرب، والأندلس، وجزائر الفرنج، وبلاد الروم، والشام وشرب أهلها من ماء النيل، من صهاريج تملأ من الخليج الواصل إلى داخل دورها، واستعمال الماء لعامة الأمر من آبارها، وبجنبات تلك الآبار والصهاريج بالوعات تصرف منها مياه الأمطار ونحوها؛ وبها البساتين الأنيقة، والمستنزهات الفائقة، ولهم بها القصور والجواسق «١» الدقيقة البناء، المحكمة الجدر والأبواب، وبها من الفواكه والثمار ما يفوق فواكه غيرها من الديار المصرية حسنا مع رخص الثمن؛ وليس بها مزارع ولا لها عمل واسع، وإن كان متحصّلها يعدل أعمالا: من واصل البحر وغيره؛ وهي أجلّ ثغور الديار المصرية، لا يزال أهلها على يقظة من أمور البحر والاحتراز من العدوّ الطارق؛ وبها عسكر مستخدم لحفظها.
قال في «مسالك الأبصار» : وليس بالديار المصرية مدينة حاكمها موسوم بنيابة السلطنة «٢» سواها.
قلت: وهذا فيما تقدّم حين كانت النيابة بها صغيرة في معنى ولاية. أما من حين طرقها العدوّ المخذول من الفرنج في سنة سبع وستين وسبعمائة واجناح أهلها وقتل وسبى، فإنها استقرت من حينئذ نيابة كبرى تضاهي نيابة طرابلس وحماة وما في معناهما، وهي على ذلك إلى الآن؛ وسيأتي الكلام على نيابتها في الكلام على ترتيب المملكة فيما بعد إن شاء الله تعالى.