سرير الملك الذي كان بصدره إلى آخر أيام المستعلي «١» . فلما ولي ابنه الآمر الخلافة بعده، نقل الجلوس من الإيوان الكبير إلى القاعة المعروفة بقاعة الذهب بالقصر أيضا، وصار يجلس من مجالسها على سرير الملك به، وجعل الإيوان الكبير خزانة للسلاح، ولم يتعرّض لإزالة سرير الملك منه حتّى جاءت الدولة الأيوبية، وهو باق، وكان جلوس الخليفة في هذه الحالة لا يتعدّى يومي الاثنين والخميس، وليس ذلك على الدوام بل على التقرير بحسب ما يقتضيه الحال. فإذا أراد الجلوس فإن كان في الشتاء علّق المجلس الذي يجلس فيه بستور الديباج، وفرش بالبسط الحرير؛ وإن كان في الصيف، علق بالستور الدّبيقية وفرش بطبريّ طبرستان المذهب الفائق، وهيئت المرتبة المعدّة لجلوسه على سرير الملك بصدر المجلس، وغشّي السرير بالقرقوبيّ «٢» ، ثم يستدعى الوزير من داره بصاحب الرسالة على حصان رهوان «٣» في أسرع حركة على خلاف الحركة المعتادة، فيركب الوزير في هيئته وجماعته وبين يديه الأمراء، فإذا وصل إلى باب القصر ترجّل الأمراء، وهو راكب إلى أوّل باب باب من الدّهاليز الطّوال عند دهليز يعرف بدهليز العمود، ويمشي وبين يديه أكابر الأمراء إلى مقطع الوزارة بقاعة الذهب، فإذا تهيأ جلوس الخليفة، استدعى الوزير من مقطع الوزارة إلى باب المجلس الذي فيه الخليفة وهو مغلق، وعلى بابه ستر معلّق، فيقف زمام القصر عن يمين باب المجلس وزمام بيت المال عن يساره، والوزير واقف أمام باب المجلس وحواليه الأمراء المطوّقون «٤» وأرباب الخدم الجليلة، وفي خلال القوم قرّاء الحضرة؛ ويضع صاحب المجلس الدواة مكانها من المرتبة أمام الخليفة، ثم