النصر، ثم ينعطف على يساره طالبا باب الفتوح، وربما عطف عند خروجه من باب النصر على يساره، وسار بجانب السّور حتّى يأتي باب الفتوح فيدخل منه.
وكيفما كان فإنه يدخل منه، ويسير الموكب حتّى ينتهي بين القصرين فيقف العسكر هناك على ما كان عليه عند الركاب ويترجّل الأمراء. فإذا انتهى الخليفة إلى الجامع الأقمر وقف هناك في جماعته وينفرج الموكب للوزير فيتحرّك مسرعا ليصير أمام الخليفة. فإذا مرّ بالخليفة، سكع «١» له سكعة ظاهرة، فيشير الخليفة بالسلام عليه إشارة خفيفة، وهذه أعظم كرامة تصدر من الخليفة، ولا تكون إلا للوزير صاحب السيف. فإذا جاوز الوزير الخليفة، سبقه إلى باب القصر ودخل راكبا على عادته والأمراء أمامه مشاة إلى الموضع الذي ركب منه بدهليز العمود المقدّم ذكره، فيترجل هناك ويقف هو والأمراء لانتظار الخليفة. فإذا انتهى الخليفة إلى باب القصر، ترجل الأستاذون المحنّكون ودخل الخليفة القصر وهو راكب والأستاذون محدقون به. فإذا انتهى إلى الوزير، مشى الوزير أمام وجه فرسه إلى الكرسيّ الذي ركب من عليه فيخدمه الوزير والأمراء، وينصرفون ويدخل الخليفة إلى دوره.
فإذا خرج الوزير إلى مكان ترجّله ركب، والأمراء بين يديه، وأقاربه حواليه إلى خارج باب القصر، فيركب منهم من يستحق الركوب، ويمشي من يستحق المشي، ويسيرون في خدمته إلى داره، فيدخل راكبا وينزل على كرسيّ فيخدمه الجماعة وينصرفون، وقد رأى الناس من حسن الموكب ما أبهجهم وراق خواطرهم، ويتفرّق الناس إلى أماكنهم فيجدون الخليفة قد أرسل إليهم الغرّة:
وهي دنانير رباعية ودراهم خفاف مدوّرة، ويكون الخليفة قد أمر بضربها في العشر الأخير من ذي الحجة برسم التفرقة في هذا اليوم، لكل واحد من الوزير والأمراء وأرباب المراتب من حملة السيوف والأقلام قدر مخصوص من ذلك، فيقبلونها على سبيل التبرك من الخليفة، ويكتب إلى البلاد والأعمال مخلّقات بالبشائر بركوب أوّل العام كما يكتب بوفاء النيل وركوب الميدان الآن.