للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معدّ له منها، ويجلس الوزير بمكان منها بمفرده، ويجلس القاضي والشهود في الخيمة البيضاء الدبيقية، فيطلّ منها أستاذ من الأستاذين المحنكين فيشير بفتح السدّ فيفتح بالمعاول، وتضرب الطبول والأبواق من البّرين، وفي أثناء ذلك يصل السّماط من القصر صحبة صاحب المائدة القائم مقام أستاذ دار الصحبة الآن، وعدّتها مائة شدّة في الطيافير الواسعة في القواوير «١» الحرير، وفوقها الطرّاحات النفيسة، وريح المسك والأفاويه تفوح منها، فتوضع في خيمة وسيعة معدّة لذلك؛ ويحمل منها للوزير وأولاده ما جرت به عادتهم، ثم لقاضي القضاة والشهود، ثم إلى الأمراء على قدر مراتبهم: على أنواع الموائد من التماثيل المقدّمة الذكر خلا القاضي والشهود، فإنه لا يكون في موائدهم تماثيل. فإذا اعتدل الماء في الخليج دخلت فيه العشاريات اللطاف ووراءها العشاريات الكبار، وهي سبعة: الذهبيّ المختص بالخليفة، وهو الذي يركب فيه يوم التخليق، والفضّيّ، والأحمر، والأصفر، والأخضر، واللّازورديّ، والصّقلّي، وهو عشاريّ أنشأه نجّار من صقلّية على الإنشاء المعتاد فنسب إليه، وعليها الستور الدبيقي الملونة، وفي أعناقها الأهلة وقلائد العنبر والخرز الأزرق، وتسير حتّى ترسو على بر المنظرة التي فيها الخليفة. فإذا صلّى الخليفة العصر، ركب لابسا غير الثياب التي كانت عليه في أول النهار، ومظلّته مناسبة لثيابه التي لبسها، وباقي الموكب على حاله، ويسير في البر الغربيّ من الخليج شاقّا للبساتين حتّى يصل إلى باب القنطرة فيعطف على يمينه ويسير إلى القصر، والوزير تابعه على الرسم المعتاد، فيدخل الخليفة قصره، ويمرّ الوزير إلى داره على عادته في مثل ذلك اليوم.

وذكر القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر: أنه إذا ركب من المنظرة المعروفة بالسكرة، سار في بر الخليج الغربيّ على ما تقدم ذكره حتّى يأتي بستان

<<  <  ج: ص:  >  >>