أئمّتي وهداتي والذخيرة لي ... إذا ارتهنت بما قدّمت من عمل
والله «١» لم نوفهم في المدح حقّهم ... لأنّ فضلهم كالوابل الهطل
ولو تضاعفت الأقوال واستبقت «٢» ... ما كنت فيهم بحمد الله بالخجل
باب النّجاة هم دنيا وآخرة ... وحبّهم فهو أصل الدّين والعمل
نور الدّجى ومصابيح الهدى وهم ... من نور خالص نور الله لم يغل «٣»
والله لا «٤» زلت عن حبّي لهم أبدا ... ما أخّر الله لي في مدّة الأجل
قلت: وعمارة هذا لم يكن على معتقد الشّيعة بل فقيها شافعيا، قدم مصر برسالة عن القاسم بن هاشم بن أبي فليتة أمير مكة إلى الفائز أحد خلفائهم في سنة خمسين وخمسمائة في وزارة الصالح طلائع بن رزّيك، فأحسنوا له وبالغوا في بره، فأقام عندهم وتألف بهم، وأتى فيهم من المدح بما بهر العقول، ولم يزل مواليا هم حتّى زالت دولتهم واستولى «٥» السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله، فرثاهم بهذه القصيدة، فكانت آخر أسباب حتفه، فصلب فيمن صلب بين القصرين من أتباع الدولة الفاطمية.
تم الجزء الثالث ويليه الجزء الرابع؛ وأوّله «الحالة الثالثة من أحوال المملكة، ما عليه ترتيب المملكة من ابتداء الدولة الأيوبية وإلى زماننا»