الاثنين بإيوانه الكبير المسمّى بدار العدل المتقدّم ذكره مع ذكر القلعة في الكلام على حاضرة الديار المصرية؛ ويكون جلوسه على الكرسيّ الذي هو موضوع تحت سرير الملك. قال في «مسالك الأبصار» : ويجلس على يمينه قضاة القضاة من المذاهب الأربعة، ثم وكيل بيت المال، ثم الناظر في الحسبة.
ويجلس على يساره كاتب السّر، وقدّامه ناظر الجيش وجماعة الموقّعين تكملة حلقة دائرة. قال: وإن كان الوزير من أرباب الأقلام، كان بينه وبين كاتب السر، وإن كان من أرباب السيوف، كان واقفا على بعد مع بقية أرباب الوظائف. وكذلك إن كان ثمّ نائب وقف مع أرباب الوظائف. ويقف من وراء السلطان مماليك صغار عن يمينه ويساره من السلاح دارية والجمدارية والخاصكية؛ ويجلس على بعد بقدر خمسة عشر ذراعا عن يمنته ويسرته ذو والسنّ من أكابر أمراء المئين، وهم أمراء المشورة؛ ويليهم من أسفل منهم أكابر الأمراء، وأرباب الوظائف وقوف، وباقي الأمراء وقوف من وراء المشورة؛ ويقف خلف هذه الحلقة المحيطة بالسلطان الحجّاب والدّوادارية لإحضار قصص أرباب الضرورات وإحضار المساكين، وتقرأ عليه القصص فما احتاج فيه إلى مراجعة القضاة راجعهم فيه، وما كان متعلقا بالعسكر تحدّث فيه مع الحاجب وناظر الجيش، ويأمر في البقية بما يراه.
قلت: وقد استقرّ الحال على أن يكون عن يمينه قاضيان من القضاة الأربعة: وهما الشافعيّ والمالكيّ، وعن يساره قاضيان وهما الحنفيّ ثم الحنبليّ؛ ويلي القاضي المالكيّ من الجانب الأيمن قضاة العسكر الثلاثة المتقدّم ذكرهم الشافعيّ ثم الحنفيّ ثم المالكي؛ ويليهم مفتو دار العدل على هذا الترتيب؛ ويليهم وكيل بيت المال ثم الناظر في الحسبة بالقاهرة، وربما جلس المحتسب فوق وكيل بيت المال إذا علا قدره عليه بعلم أو رياسة. وكل هؤلاء صفّ واحد عن يمين السلطان مستدبرين جدار صدر الإيوان مستقبلين بابه، والقاضيان الحنفيّ والحنبليّ كذلك من الجانب الأيسر، والوزير إن كان من أرباب الأقلام إلى جانب الكرسيّ من الجانب الأيسر بانحراف، وكاتب السرّ يليه، وتستدير