وأما ما اختصّت به على غيرها من اللغات، فقد حكى في «صناعة الكتّاب» أنها اللّغة التامّة الحروف، الكاملة الألفاظ، لم ينقص عنها شيء من الحروف فيشينها نقصانه، ولم يزد فيها شيء فيعيبها زيادته؛ وإن كان لها فروع أخرى من الحروف فهي راجعة إلى الحروف الأصلية؛ وسائر اللّغات فيها حروف مولّدة، وينقص عنها حروف أصليّة: كاللغة الفارسية: تجد فيها زيادة ونقصانا. وكذلك يوجد فيها من الأسماء ما لا يوجد في الفارسية وغيرها:
كالحقّ والباطل، والصواب والخطإ، والحلال والحرام، فلا ينطق به أهل تلك اللغة إلا عربيا. قال الفراء «١» : «وجدنا للغة العرب فضلا على لغة جميع الأمم اختصاصا من الله تعالى وكرامة أكرمهم بها؛ ومن خصائصها أنه يوجد فيها من الإيجاز ما لا يوجد في غيرها من اللغات» . قال:«ومن الإيجاز الواقع فيها أن للضّرب كلمة واحدة فتوسّعوا فيها، فقالوا للضرب في الوجه لطم، وفي القفا صفع، وفي الرأس إذا أدمى شجّ؛ فكان قولهم لطم أوجز من ضرب على وجهه» . قال في «المثل السائر» : «حضرت مع رجل يهوديّ عارف باللّغات فجرى ذكر اسم الجمل فقال: لا شكّ أن العربيّة أوجز اللغات، فإنّ اسم الجمل بالعبرانيّة «كومل» فسقط منه الواو وحوّلت الكاف إلى الجيم» . قال أبو عبيد «٢» : «وللعرب في كلامها علامات لا يشركهم فيها أحد من الأمم كعلامة إدخالهم الألف واللام في أوّل الاسم، وإلزامهم إياه الإعراب في كل وجه مع نقلهم كلّ ما احتاجوا إليه من كلام العجم إلى