فولّى السلطان الملك الناصر مكانه ابنه (الملك الأفضل محمد) وكتب له بذلك عهدا أيضا، فبقي بها حتّى أزاله قوصون أتابك العساكر في سلطنة المنصور أبي بكر بن الناصر محمد بن قلاوون في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة.
وولّى مكانه الأمير (طقزدمر) نائبا بها، واستقرت نيابة إلى الآن، يتوالى عليها نواب ملوك مصر نائبا بعد نائب إلى زماننا كغيرها من الممالك الشامية، وانقطعت مملكة بني أيوب من الشام بذلك.
وأما أطرابلس، فكان قد تغلب عليها قاضيها أبو عليّ بن عمّار وملكها وطالت مدّته فيها.
ثم انتزعها منه (المستنصر الفاطميّ) خليفة مصر مع غيرها من السواحل الشامية، فبقيت بيده حتّى غلب عليها القومص «١» فملكها في سنة ثلاث وخمسمائة، فبقيت في أيدي الفرنج من حينئذ إلى أن فتحها «الملك المنصور قلاوون» أحد ملوك الديار المصرية في سنة ثمان وثمانين وستمائة بعد أن مضى عليها في يد الفرنج مائة وخمس وثمانون سنة وأعجز فتحها من مضى من ملوك بني أيوب فمن بعدهم. ومن حين فتحها جعلت نيابة، وتوالى عليها نواب ملوك مصر من لدنه إلى زماننا.
وأما صفد، فقد تقدّم في الكلام على قواعد الممالك الشامية أنها كانت في القديم قرية وأن الفرنج الدّموية بنتها واستحدثت حصنها في سنة خمس وسبعين وأربعمائة.