عيسى في وقتنا هم ملوك البر فيما بعد واقترب، وسادات الناس ولا تصلح إلا عليهم العرب.
وأما الإمرة عليهم فقد جرت العادة أن يكون لهم أمير كبير منهم يولّى من الأبواب السلطانية، ويكتب له تقليد شريف بذلك، ويلبس تشريفا أطلس أسوة النوّاب إن كان حاضرا، أو يجهّز إليه إن كان غائبا؛ ويكون لكل طائفة منهم كبير قائم مقام أمير عليهم، وتصدر إليه المكاتبات من الأبواب الشريفة إلا أنه لا يكتب له تقليد ولا مرسوم. قال في «مسالك الأبصار» : ولم يصرّح لأحد منهم بإمرة على العرب بتقليد من السلطان إلا من أيام العادل أبي بكر: أخي السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، أمّر منهم حديثة يعني ابن عقبة «١» بن فضل بن ربيعة، والذي ذكره قاضي القضاة وليّ الدين بن خلدون في تاريخه أن الإمرة عليهم في أيام العادل أبي بكر بن أيوب كانت لعيسى بن محمد بن ربيعة، ثم كان بعده ماتع ابن حديثة بن عقبة «٢» بن فضل، وتوفي سنة ثلاثين وستمائة، وولّي عليهم بعده ابنه مهنا، وحضر مع المظفر قطز قتال هولاكو ملك التتار وانتزع سلميّة من المنصور ابن المظفر صاحب حماة وأقطعها له؛ ثم ولّى الظاهر بيبرس عند مسيره إلى دمشق لتشييع الخليفة المستعصم إلى بغداد عيسى بن مهنا بن ماتع ووفّر له الإقطاعات على حفظ السابلة وبقي حتّى توفّي سنة أربع وثمانين وستمائة؛ فولّى المنصور قلاوون مكانه ابنه مهنا بن عيسى، ثم سافر الأشرف «خليل بن قلاوون» إلى الشام فوفد عليه مهنا بن عيسى في جماعة من قومه فقبض عليهم، وبعث بهم إلى قلعة الجبل بمصر فاعتقلوا بها وبقوا في السجن حتّى أفرج عنهم العادل كتبغا عند جلوسه على التخت سنة أربع وتسعين وستمائة ورجع إلى إمارته؛ ثم كان له في أيام الناصر بن قلاوون نصرة واستقامة تارة وتارة، وميل إلى التتر بالعراق، ولم يحضر شيئا من وقائع غازان؛ ووفد أخوه فضل بن عيسى على السلطان الملك الناصر سنة اثنتي عشرة وسبعمائة فولاه مكانه وبقي مهنا مشرّدا، ثم لحق سنة ست