أطراف حلب والروم، ولهم غزوات عظيمة معلومة وغارات لا نعدّ، ولا تزال تباع بنات الروم وأبناؤهم من سباياهم، ويتكلمون بالتركية ويركبون الأكاديش، وهم عرب غزو، ورجال حروب، وأبطال جيوش، وهم من أشدّ العرب باسا، وأكثرهم ناسا. قال: ولإفراط نكايتهم في الرّوم صنّفت السيرة المعروفة «بدلهمة «١» والبطّال» منسوبة إليهم بما فيها من ملح الحديث ولمح الأباطيل «٢» ؛ ولكنهم لا يدينون لأمير منهم يجمع كلمتهم، ولو انقادوا لأمير واحد لم يبق لأحد من العرب بهم طاقة.
قال الحمدانيّ: وكان بنو كلاب قد ظهروا على آل ربيعة، وذلك أن الملك الكامل كان طلب من ماتع «٣» بن حديثة «٤» وغنّام بن الظاهر جمالا يحمل عليها غلالا إلى خلاط يقوتها «٥» بها، فاحتج بغيبة جماله في البرية، وكان بعض بني كلاب حاضرا فتكفّل له بحاجته من الجمال ووفى له بذلك، فحقد بها الملك الكامل على ماتع بن حديثة وغنام بن الظاهر واستوحشا منه ثم أتياه عند أخذه آمد، فوبّخهما فخرجا خائفين منه إلى أن فتح دمشق فأتياه بأنواع التّقادم وتقرّبا إليه بالخدمة. قال: وكانت بنو كلاب تخدم الملك الأشرف موسى «٦» وتصحبه لمتاخمة بلاد الروم.
قال في «مسالك الأبصار» : وكان سلطاننا يعني الناصر محمد بن قلاوون لا يزال ملتفتا إلى تألّف بني كلاب هؤلاء، وكان أحمد بن نصير المعروف بالتّتريّ قد عاث في البلاد والأطراف واشتدّ في قطع الطريق، فأمّنه وخلع عليه وأقطعه فانقادت بنو كلاب للطاعة، وكان الملك الناصر قد أمّر عليهم سليمان بن مهنّا