فلما ملك مصر المعزّ كان الحسن بن جعفر بن الحسن بن سليمان بالمدينة فبادر فملك مكة ودعا للمعزّ وكتب له المعزّ بالولاية؛ ثم مات الحسن فولّي مكانه أخوه عيسى.
ثم ولّي بعده أبو الفتوح الحسن بن جعفر بن أبي هاشم، ثم الحسن بن محمد بن سليمان بن داود سنة أربع وثمانين وثلاثمائة؛ ثم جاءت عساكر عضد الدولة بن بويه ففرّ الحسن وترك مكة. ولما مات المعز وولي ابنه العزيز، بعث إلى مكة أميرا علويّا فخطب له بالحرمين واستمرّت الخطبة بمكة للعلويين إلى سنة سبع وستين وثلاثمائة.
وفي سنة ثمان وستين خطب لعضد الدولة بن بويه، ثم عادت الخطبة بمكة إلى الخلفاء الفاطميين بمصر؛ ثم كتب الحاكم سنة ثنتين وأربعين وأربعمائة إلى عمّاله بالبراءة من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فأنكر ذلك أبو الفتوح أمير مكة وحمله ذلك على أن استبدّ بالأمر في مكة وخطب لنفسه وتلقب بالراشد بالله، وقطع الحاكم الميرة عن الحرمين فرجع أبو الفتوح إلى طاعته فأعاده إلى إمارته بمكة.
وفي سنة ثنتي عشرة وأربعمائة خطب بمكة للظاهر بن الحاكم؛ ثم خطب بمكة سنة سبع وعشرين وأربعمائة للمستنصر بن الظاهر؛ ثم توفي أبو الفتوح أمير مكة المتقدّم ذكره سنة ثلاثين وأربعمائة لستّ وأربعين سنة من إمارته.
وولي بعده إمارة مكة ابنه شكر وملك معها المدينة واستضافها لمكة، وجمع بين الحرمين كله «١» ثلاثا وعشرين سنة ومات سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. قال ابن حزم «٢» : وكانت وفاته عن غير ولد وانقرضت بموته دولة بني سليمان بمكة.