ثم مات محمد بن جعفر أمير مكة المتقدّم ذكره سنة سبع وثمانين وأربعمائة لثلاث وثلاثين سنة من إمارته؛ وولي بعده ابنه (قاسم) فكثر اضطرابه، ثم توفي سنة ثمان عشرة وخمسمائة لثلاثين سنة من إمارته.
وولي بعده ابنه أبو فليتة فافتتح بالخطبة العباسية وحسن الثناء عليه؛ ثم مات سنة سبع وعشرين وخمسمائة لعشر سنين من إمارته وولي بعده ابنه قاسم والخطبة مستمرّة للعباسيين.
ثم صنع المقتفي بابا للكعبة وأرسله إليها في سنة ثنتين وخمسين وخمسمائة وحمل الباب العتيق إليه فاتخذه تابوتا يدفن فيه، واتصلت الخطبة لبني العبّاس إلى سنة خمس وخمسين «١» ، وبويع المستنجد فخطب له كما كان يخطب لأبيه المقتفي.
ثم قتل قاسم بن أبي فليتة سنة ست وخمسين وخمسمائة، وولي بعده ابنه (عيسى) في أيام العاضد: آخر خلفاء الفاطميين بمصر، وتوفي المستنجد وبعث المستضيء بالركب العراقيّ وانقضت دولة الفاطميين بمصر، ووليها السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فخطب له بالحرمين الشريفين.
والذي ذكره السلطان عماد الدين صاحب حماة في «تاريخه» أن عيسى عمّ قاسم سيّر الحاجّ في سنة ست وخمسين وخمسمائة وقام مكان ابن أخيه قاسم المذكور، ثم عاد قاسم فملك مكة، ثم هرب وعاد عمه عيسى فملكها وهرب قاسم إلى جبل أبي قبيس فوقع عن فرسه فأمسكه عيسى وقتله.
ثم مات المستضيء وبويع ابنه الناصر وخطب له بالحرمين، وحجت أمه وعادت فأنهت إليه من أحوال عيسى بن قاسم أمير مكة ما عزله به؛ وولّى مكانه أخاه (مكثر بن قاسم) وكان جليل القدر، وهو الذي بنى القلعة على جبل أبي