الحافظ أبي نعيم إلى حسين بن مصعب أنه أدرك كسوة الكعبة يؤتى بها المدينة قبل أن تصل إلى مكة فتنشر على الرّضراض «١» في مؤخّر المسجد، ثم يخرج بها إلى مكة. وذلك في سنة إحدى وثلاثين أو اثنتين وثلاثين ومائة.
واعلم أن كسوة الكعبة لها حالان:
الحال الأولى- ما كان الأمر عليه في الجاهلية. قد روى الأزرقيّ في «أخبار مكة» بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، «نهى عن سبّ أسعد الحميريّ وهو تبّع» وكان أوّل من كسا الكعبة. وذكر ابن إسحاق عن غير واحد من أهل العلم أن أوّل من كسا الكعبة كسوة كاملة تبّع وهو أسعد أري في منامه أن يكسوها فكساها الأنطاع «٢» ، ثم أري أن اكسها فكساها الوصائل ثياب حبرة «٣» من عصب اليمن؛ وعن ابن جريح «٤» نحوه.
وعن ابن أبي مليكة «٥» أنه قال: بلغني أن الكعبة كانت تكسى في الجاهلية كسى شتّى، كانت البدن تجلّل الحبر والبرود والأكسية وغير ذلك من عصب اليمن، وكان يهدى للكعبة هدايا من كسى شتّى سوى جلال البدن: حبر وخزّ وأنماط فتكسى منه الكعبة، ويجعل ما بقي في خزانة الكعبة، فإذا بلي منها شيء أخلف عليها مكانه ثوب آخر، ولا ينزع مما عليها شيء.
وعن عبد الجبار بن الورد قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: كانت قريش في الجاهلية ترافد في كسوة الكعبة، فيضربون ذلك على القبائل بقدر احتمالها، من عهد قصيّ بن كلاب حتّى نشأ أبو ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وكان يختلف إلى اليمن يتّجر فيها فأثرى في المال، فقال