للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء إلى أن كانت أيام معاوية فكتب إليه شيبة بن عثمان الحجبيّ يرغب إليه في تخفيفها من كسى الجاهلية حتّى لا يكون عليها شيء مما مسته أيديهم لنجاستهم، فكتب إليه معاوية أن جرّدها، وبعث إليه بكسوة من ديباج وقباطيّ وحبرة، فجرّدها شيبة حتّى لم يبق عليها شيء، وكساها الكسوة التي بعث بها معاوية، وقسم الثياب التي كانت عليها بين أهل مكة؛ وكان ابن عباس حاضرا في المسجد وهم يجرّدونها فلم ينكر ذلك ولا كرهه.

وروي أن عائشة رضي الله عنها أنكرت على شيبة ذلك، وقالت له بعها واجعل ثمنها في سبيل الله، وكذلك ابن عبّاس.

وروى الواقديّ عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: إذا نزعت عن الكعبة ثيابها فلا يضرها من لبسها من الناس من حائض أو جنب. وقد تقدّم أن المهديّ جردها حين حج في سنة ستين ومائتين «١» ؛ وحسين الطالبيّ جرّدها في سنة مائتين.

قلت: والذي استقر عليه الحال في زماننا أنها لا تلبس في كل سنة غير كسوة واحدة على ما تقدّم بيانه، وذلك أن الكسوة تعمل بمصر على النّمط المتقدّم، ثم تحمل صحبة الرّكب إلى مكة فيقطع ذيل الكسوة القديمة على قدر قامة من جدار الكعبة ويظهر من الجدار ما كان تحته، ويبقى أعلاها معلقا حتّى يكون يوم ...

...... «٢» ...... فتخلع الكسوة العتيقة وتعلّق الجديدة مكانها، ويكسى المقام من نسبة كسوة الكعبة، ويأخذ بنو شيبة الحجبة الكسوة العتيقة فيهدونها للحجّاج ولأهل الآفاق. وقد زاد رفدهم فيها من حين حصلت المغالاة في كسوة الكعبة وبرقعها على ما تقدم. اللهمّ زد هذا البيت تشريفا وتعظيما، وتكريما ومهابة.

واعلم أن جدار الكعبة كان عزيز الرؤية حين كانت الكسوة تتراكم عليها ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>