للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على زياد بن أبيه فقال: إنّ أبونا مات وإن أخينا وثب على مال أبانا فأكله- فقال زياد: للّذي أضعته من كلامك أضر عليك مما أضعته من مالك. وقيل لرجل من أين أقبلت؟ فقال من عند أهلونا، فحسده آخر حين سمعه وظن ذلك فصاحة فقال أنا والله أعلم من أين أخذها؟ من قوله: شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا

«١» فأضحك كلّ منهما من نفسه. قال صاحب «الريحان والريعان» :

وكان من يؤثر عقله من الخلفاء يعاقب على اللحن وينفر من خطإ القول، ولا يجيز أن يخاطب به في الرسائل البلدانية، ولا أن يوقف به على رؤوسهم في الخطب المقاميّة قال: وهو الوجه. فأنديتهم مطلب الكمال، ومظانّ الصواب في إحكام الأفعال فكيف في إحكام الأقوال. قال ابن قادم النحويّ «٢» :

«وجه إليّ إسحاق بن إبراهيم المصعبيّ «٣» وهو أمير فأحضرني فلم أدر ما السبب، فلما قربت من مجلسه تلقّاني كاتبه على الرسائل ميمون بن إبراهيم وهو على غاية الهلع والجزع، فقال لي بصوت خفيّ إنه إسحاق! ومرّ غير متلبث حتّى رجع إلى إسحاق، فراعني ما سمعت، فلما مثلت بين يديه، قال كيف يقال وهذا المال مال أو وهذا المال مالا، فعلمت ما أراد ميمون الكاتب فقلت له الوجه وهذا المال مال ويجوز وهذا المال مالا، فأقبل إسحاق على ميمون كاتبه بغلظة وفظاظة ثم قال: «الزم الوجه في كتبك ودع ما يجوز!» ورمى بكتاب كان في يديه، فسألت عن الخبر فإذا بميمون قد كتب عن إسحاق إلى المأمون وهو ببلاد الروم وذكر ما لا حمله إليه فقال: «وهذا المال مالا» ، فخط المأمون على الموضع من الكتاب ووقّع بخطه في حاشيته:

تكاتبني باللحن؟ ويقال إنه لم يتجاوز موضع اللحن في قراءة الكتاب فقامت

<<  <  ج: ص:  >  >>